شارع أبو هريرة

الاسم

عبد الرحمن بن صخر

اسم الشهرة

أبو هريرة

مولده ونشأته
لقد اختلف المؤرخون في اسم أبي هريرة، إلا أن أرجح الأقوال أن اسمه “عبد الرحمن بن صخر”، من ولد ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس اليماني، ينتمي أصله إلى أشهر القبائل العربية وهي أزد القحطانية إذ يمتد نسبه إلى دَوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر وهو شنوءة بن الأزد. وقد ذُكر أن سبب كُنيته “أبو هُريرة” التي اشتهر بها، أنه وجد هرة برية، فأخذها في كمه، فكُنّي بذلك، وقيل أنه كان يرعى غنمًا لأهله، فكانت له هريرة يلعب بها، فكناه أهله بها.

ولد أبو هريرة في اليمن في عام 21 قبل الهجرة الموافق 602م، وقد نشأ في اليمن وعاش كغيره ممَّن يسكنون البوادي حياة بِداوةٍ خالصةٍ، وقد كان يتيم الأب إذ تُوفي والده في صِغره، كان يرعى أغنام أهله ويخدمهم وقد كانت حياته شديدةً صعبةً قبل إسلامه.

إسلامه وهجرته للمدينة
أسلم أبو هريرة -رضي الله عنه- في اليمن على يد “الطُفيل بن عمرو” في السَّنة السَّابعة للهجرة، وقد ورد في روايةٍ أخرى أنَّه أسلم قبل هجرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما قدم الطُفيل بن عمرو إلى مكَّة المكرَّمة والتقى برسول الله عند الكعبة فدخل في الإسلام ثمَّ أوصاه الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- بدعوة قومه، فلمَّا عاد لليمن أسلم مع الطفيل بن عمرو أباه وأبي هريرة.

وثبت أنَّه هاجر للمدينة المنوَّرة في عام 7هـ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة مع نفر من قومه من قبيلة دوس اليمانية، وقد تزامن ذلك مع غزوة خيبر، ولكن اختُلف أأدرك القتال وشارك فيه، أم بلغ المدينة بعدما فرغوا من القتال. ومن يومها لازم وصاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حلِّه وترحاله وفي ليله ونهاره لمدَّة أربع سنواتٍ حتى آخر حياته -صلى الله عليه وسلم- وقد حظيَ بشرف خِدمته وأخذ العلم الغزير عنه وكان يُحبُّ رسول الله حبّاً جماً فكرَّس حياته لحفظ سنَّته.

وقد ورد أنه أمضى أربع سنين في معيّة الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وقيل ثلاث سنوات فقط، انقطع فيها عن الدنيا ليلازم النبي، عاش فيها حياة المساكين، يدور معه في بيوت نسائه ويخدمه ويغزو معه ويحجّ، فشهد معه فتح مكة. وأصبح أعلم الناس بحديثه، فكان بعض السابقون من الصحابة يسألونه عن الحديث، لمعرفتهم ملازمة أبي هريرة للنبي. فتمكّن أبو هريرة في تلك الفترة من استيعاب قدر كبير من أحاديث النبي محمد وأفعاله، ساعده على ذلك قُدرته الكبيرة على الحفظ. امتاز أبو هريرة في تلك الفترة بالجراءة على سؤال النبي محمد عن أشياء لا يسأله عنها غيره، وقد أوكل النبي محمد له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان، كما بعثه النبي مؤذّنًا مع “العلاء بن الحضرمي” حين بعث النبي “محمد العلاء” واليًا على البحرين.

حياته في عهد الخلفاء الراشدين
وبعد وفاة النبي –صلي الله عليه وسلم-، شارك أبو هريرة في عهد الخليفة “أبي بكر الصديق” في حروب الردة، كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد الخليفة “عمر بن الخطاب”، ثم استعمله عمر واليًا على البحرين، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف. فاتهمه عمر في تلك الأموال، فأنكر أبو هريرة اغتصابه لتلك الأموال، وقال له بأنها نتاج خيله، ومن تجارته في الغلال، وما تجمّع له من أُعطيات. فتقصّى عُمر الأمر، فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة. أراد عُمر بعدئذ أنه يُعيد أبي هريرة إلى ولايته على البحرين، فأبى أبو هريرة، وامتنع، ومكث في المدينة المنورة يُحدّث طلاب الحديث، ويُفتي الناس في أمور دينهم.

وفي عهد الخليفة “عثمان بن عفان” لم يكن أبو هريرة بمعزل عما يدور حوله من أحداث، فقد شارك في مناصرة المدافعين عن عثمان بن عفان يوم الدار، وهو ما حفظه الأمويون لأبي هريرة.

اعتزل أبو هريرة الفتنة ولم يلابسها، ويبدوا أنه اتخذ هذا الموقف تمسكًا بالحديث المشهور عن اعتزال الفتنة، لأنه هو أحد رواته. وعاش أبو هريرة لا يبتغي من الدنيا سوى رضا الله وحب عباده من المسلمين حتى حضرته الوفاة، فبكى شوقًا إلى لقاء ربه، ولما سئل: ما يبكيك؟ قال: من قلة الزاد وشدة المفازة، وقال: اللهم إني أحب لقاءك فأحبب لقائي.

ومن الجدير بالذكر أنه لم يرد ذكر لأسرة أبي هريرة أكثر من أنه كانت له زوجة اسمها “بسرة بنت غزوان”، ومن الولد ابنه “المحرر” وهو ممن رووا عنه الحديث النبوي، و”عبد الرحمن بن أبي هريرة”، و”بلال بن أبي هريرة”؛ وابنة كانت زوجة للتابعي “سعيد بن المسيب”.

روايته للحديث

كان أبو هريرة حريصًا على طلب العلم والتفقُّه في الدِّين وحفظ حديث رسول الله، وقد شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: “يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتِكَ يَومَ القِيَامَةِ؟ فَقَالَ: لقَدْ ظَنَنْتُ، يا أبَا هُرَيْرَةَ، أنْ لا يَسْأَلَنِي عن هذا الحَديثِ أحَدٌ أوَّلُ مِنْكَ، لِما رَأَيْتُ مِن حِرْصِكَ علَى الحَديثِ، أسْعَدُ النَّاسِ بشَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ مَن قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، خَالِصًا مِن قِبَلِ نَفْسِهِ”، وقد عُرف بكثرة علمه بين الصَّحابة وكانوا يرجعون له في الفتوى.

لقد روى أبو هريرة الكثير من الأحاديث التي تتعلَّق بالفقه والعقيدة وفضائل الأعمال وغيرها وكان ضابطًا مُتقنًا لروايتها، فقد ورد في مسند أحمد أنَّه روى 3848 حديثًا، وقد ورد في موطأ الإمام مالك 2218 حديثًا لأبي هريرة، وله في الصحيحين صحيح البخاري وصحيح مسلم 609 أحاديث. وسبب تفرُّد أبي هريرة بكثرة حفظه لحديث رسول الله رغم قلَّة السنين التي عاشها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- عوامل عدَّةٌ،هي:

دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- له بقوَّة الحفظ، وقد ورد أنَّ أبا هرير دعا الله قائلاً: “اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ مَا سَأَلَكَ صَاحِبَايَ، وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لاَ يُنْسَى”، فأمَّن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على دُعائه.

  • تخصيص وقتًا من يومه لمراجعة حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان يقول: “جزأتُ الليل ثلاثة أجزاء: ثلثًا أصلي، وثلثًا أنام، وثلثاً أذكر فيه حديث رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلم”.
  • ملازمته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وعدم انشغاله عنه أبدًا حتى بأدقِّ تفاصيل حياته، وعدم انشغاله بالدنيا أبداً.
  • جرأته في السؤال؛ إذ كان يسأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما سنحت له الفرصة.

وفاته
تعددت الروايات في تاريخ وفاة أبي هريرة، فقيل أنه توفي سنة 57هـ، وقيل  بأنه توفي سنة 58هـ، إلا أن أرجح الأقوال أنه توفي سنة 59هـ الموافق 679م، في عهد الخليفة “معاوية بن أبي سفيان”، وكانت وفاته في وادي العقيق، وحمل بعدها إلى المدينة، حيث دُفن بالبقيع. 

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • الحسيني عبد المجيد هاشم، أئمة الحديث النبوي، بيروت: منشورات المكتبة العصرية، (د. ت)، ص56-57.
  • شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق حسين أسد، ج2، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1985، ص578.
  • محمد عجاج الخطيب، أبو هريرة راوية الإسلام، القاهرة: مكتبة وهبة، 1982.
  • سنة قبل التدوين، بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1980، ص411-419.