شارع محمد فؤاد عبد الباقي
الاسم | محمد فؤاد عبد الباقي صالح محمد |
اسم الشهرة | محمد فؤاد عبد الباقي |
مولده ونشأته
هو “محمد فؤاد عبد الباقي صالح محمد”، ولد في مارس 1882، في قرية “ميت حلفا” بمحافظة القليوبية، وعقب ولادته مباشرة ترقى والده في عمله وانتقل إلي القاهرة، وأقام في “حي السيدة زينب”، ثم اضطرته ظروف عمل والده إلى السفر مع الأسرة إلى “وادي حلفا بالسودان”، وسرعان ما غادر السودان مع الأسرة عائدًا إلى مصر، واستقر في أسوان لمدة عام ونصف، حيث التحق بمدرسة “أسوان الابتدائية”، ثم انتقلت الأسرة إلى القاهرة، حيث تنقل مع والده وأخته من سكن إلى آخر بين أحياء العباسية وبولاق والبغالة، والتحق بـ”مدرسة عباس الابتدائية”، وظل بها حتى بلغ امتحان الشهادة الابتدائية في سنة 1894، لكنه لم يوفق في الحصول عليها بعد أن رسب القسم الفرنسي كله بالمدرسة، فتركها إلى مدرسة الأمريكان في حي الأزبكية ودرس بها عامين، ثم تركها أيضًا، ولم يقدر له أن ينتظم في دراسة رسمية مألوفة، بل كان يدرس دراسة حرة حسب هواه ورغبته واستعداده، وكان قد عرف طريقه مبكرًا إلى المكتبة يطالع أسرار كتبها ويستعين بالاطلاع على دراسته وتنمية فكره.
وظائفه
عمل محمد فؤاد عبد الباقي بالتدريس في بعض المدارس الحرة والمدارس الحكومية، وأهلته شخصيته القوية والتزامه لأن يصبح ناظرًا لمدرسة بإحدى قرى الوجه البحري عام 1900، ولمع نجمه في هذه الوظائف وهو لا يزال في بداية الشباب، وقد ساعدته على ذلك الظهور المتميز ثقافته الواسعة، وتكوينه البدني، وظل شاغلًا لمنصب النظارة سنتين ونصف سنة، ثم عمل مدرسًا لمادة الرياضيات في مدرسة أخرى لعام واحد (1903- 1904)، ثم عمل في المدرسة التحضيرية الكبرى بدرب الجماميز عام 1904.
وفي عام 1905 شغل وظيفة مترجم عن الفرنسية بالبنك الزراعي، واستمر في هذه الوظيفة حتى عام 1933، وبعد أن صفى ذلك البنك أعماله تفرغ للإنتاج العلمي، وعمل محررًا في مجمع اللغة العربية، وافتتح دارًا للنشر الإسلامي ظل يديرها فترة طويلة، إضافة إلى عضويته في اللجنة الاستشارية للمجامع العلمية للمستشرقين، وانقطع إلى التأليف.
علاقته بالشيخ رشيد رضا
وكان ممن ارتبط بهم محمد فؤاد عبد الباقي بصداقة وتلمذة العالم المحدث “محمد رشيد رضا”، تلميذ الإمام “محمد عبده”، وراعي حركة الإصلاح من بعده، وصاحب “مجلة المنار” التي أسدت إلى الفكر الإسلامي خدمات جليلة. وقد لازم محمد فؤاد عبد الباقي صاحب المنار منذ أن التقى به عام 1922 ولم يفارقه حتى وفاته، ونهل من علمه، وفتح له آفاقًا واسعة في علوم السنة، ووجهه كثيرًا حتى وثق به الشيخ فكان يستعين به فيما يُعرض عليه من مسائل وقضايا.
ثقافته ونشاطه العلمي
كان الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي شديد الثقة بجهده الدائب، وبدقته، وبحرصه على الصواب، و قد صور هذا المعني ما ورد في مقدمته للمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم حيث وصف عمله بأنه أدق عمل بعد كتاب الله سبحانه وتعالى.
كما كان واسع القراءة والاطلاع في الأدب الفرنسي، خاصة لفيكتور هوجو، ولامارتين، كما أقبل على أمهات الكتب في الأدب العربي، وكانت وظيفته معينًا له على الاتساع والتأصيل في العلم، كما توسع في دراسة الإنجليزية فالتحق بمدرسة “برلتز”. ومع هذا فإنه كان من المخلصين في حب الخلافة الإسلامية في بدء شبابه حيث عاصرها، ونظم فيها شعرًا.
وقد انطلق محمد فؤاد عبد الباقي يخدم السنة النبوية في وقت لم تكن تلقى فيه الاهتمام الذي تستحقه، وأبلى بلاء حسنًا، سواء فيما يتصل بتحقيق أمهاتها أو التأليف فيها، أو تخريج أحاديثها، فقام بشرح وفهرسة فتح الباري في شرح صحيح البخاري وصحيح مسلم، وموطأ مالك، وسنن ابن ماجه، وأخرجها على أحسن صورة، دقة وتنظيمًا وتنسيقًا وترقيمًا، بما يتفق مع جلال السنة، وما تستحقه من عناية.
أما مؤلفاته التي خدمت السنة، فيأتي في مقدمتها: “اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان”، والمعروف أن أعلى درجات صحة الحديث هو ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم، والكتاب ذائع معروف، يجمع ألفين وستة أحاديث مرتبة على أبواب الفقه.
كما أن له “جامع مسانيد صحيح البخاري”، وهو كتاب يجمع أحاديث كل صحابي أخرج له البخاري على حدة، ورتب أسمائهم حسب الحروف الهجائية، وهو بذلك صورة أخرى لصحيح البخاري المرتب على كتب الفقه وأبوابه. تقدم بهذا العمل إلى مجمع اللغة العربية لنشره، فشكل المجمع سنة 1943 لجنة من أعضائه ضمت “أحمد بك إبراهيم” والشيخين “إبراهيم حمروش” و”محمد الخضر حسين” لدراسة الكتاب، فأشادت بالعمل والجهد المبذول فيه، وانتهى الأمر باعتذار المجمع عن نشر الكتاب، محتجًا بأن العمل أدخل في باب السنة منه في باب اللغة، ويشاء الله أن لا يُطبع الكتاب في حياة مؤلفه وظل حبيس الأدراج، حتى نشر بعد وفاته بفترة طويلة سنة 1991.
كما دخل محمد فؤاد عبد الباقي ميدان فهرسة السنة النبوية من باب الترجمة دخل أيضًا ميدان فهرسة ألفاظ القرآن الكريم من الباب نفسه، فقد ترجم عن الفرنسية كتاب “تفصيل آيات القرآن الكريم” لـ”جول لابوم”، ونشره سنة 1934، لكنه لم يكن كافيًا لسد الغرض، فرغب في وضع معجم دقيق لألفاظ القرآن يعين الباحثين في الوصول إلى أي آية كريمة في القرآن إذا استعان بكلمة منها، وتطلب منه ذلك أن يُفرغ كل الكلمات الواردة في القرآن الكريم، ويرتبها حسب حروف المعجم، مع الأخذ في الاعتبار ردها إلى أصولها اللغوية. بذل المؤلف جهدًا مشكورًا في وضع كتابه، مستعينًا بكتاب “نجوم الفرقان في أطراف القرآن” للمستشرق الألماني “فلوجل”، مراجعًا ما يجمعه على معاجم اللغة وتفاسير الأئمة اللغويين، عارضًا ما يجمعه على الثقات من أصدقائه من علماء اللغة، حتى إذا اطمأن إلى عمله دفعة إلى دار الكتب المصرية، فأجازت نشره.
حياته الخاصة وجوانب من شخصيته
تزوج الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي في حياة والده عام 1910، ورزقه الله ثلاثة بنين وابنتين، ومن الطريف أن والده تزوج في أخريات عمره فرزقه الله بابنة كانت هي الأخت غير الشقيقة له، وقد قام برعايتها بعد وفاة والده عام 1921، وعمرها لم يتجاوز عامين.
كان الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي عاشقا للتأنق، وراغبًا الكمال في كل شيء، وكان لا يكتب التوقيت ولا التاريخ إلا وفقا للتوقيت العربي تأسيًا بالنظام العربي الإسلامي، وتنظيما ليومه وفق الفرائض الإسلامية، والسنن الكونية، وكان أكثر ما يثير غضبه الخطأ في الدين، وعدم الأمانة في العلم، كما كانت سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم هي أكثر ما يهز وجدانه، ويثير مشاعره رقة وحنانًا.
بدأ في أخريات حياته يسير وفق نظام نباتي صارم، مع الصيام شبه الدائم، وكأنه يحشد نفسه بذلك لأعماله الدينية العلمية، حتى أسماه تلامذته “صائم الدهر”، وقد وصفه “الزركلي” بأنه كان صائم الدهر، قوي العزيمة.
أعماله ومؤلفاته
- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
- اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، ثلاثة أجزاء.
- تيسير المنفعة بكتابي مفتاح كنوز السنة.
- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف.
- معجم غريب القرآن.
- فهرس موطأ الإمام مالك.
- سنن ابن ماجة.
- صحيح مسلم، وأضاف إليها شروحا.
- شواهد التوضيح والتصريح لابن مالك، وقد خرج الأحاديث والشواهد الشعرية به.
- “الأدب المفرد” للبخاري، وقد خرج الأحاديث الموجودة به.
- جامع الصحيحين.
- أطراف الصحيحين.
- جامع مسانيد صحيح البخاري.
- المسلمات المؤمنات: ما لهن وما عليهن من كتاب الله والحكمة.
في مجال الترجمة
- مفتاح كنوز السنة، ترجمه عن الإنجليزية خلال دراسته لها.
- تفصيل آيات القرآن الحكيم، ترجمه عن الفرنسية.
أشرف على تصحيح
- محاسن التأويل، سبعة عشر جزءًا لجمال الدين القاسمي.
- شواهد التوضيح والتصريح لمشكلات الجامع الصحيح، لابن مالك.
- تصحيح وترقيم الجزء الثالث من جامع الترمذي.
وفاته
أصيب الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي في عينيه بالمياه البيضاء والزرقاء، ففقد بصره تمامًا في أخريات عمره، وقد أثرت فيه نكسة سنة 1967 وأصابته بأزمة نفسية شديدة حتى توفي بالقاهرة في عام 1967.
البوم الصور
موقع اللوحة بالشارع
المصادر والمراجع
- عفاف محمد فؤاد عبد الباقي، من أعلام الإسلام في العصر الحديث: العالم الإسلامي محمد فؤاد عبد الباقي، مجلة الأزهر، الجزء الخامس، السنة 57، جمادى الأولى 1405هـ/ فبراير 1985م، ص 719-721.
- محمد حامد محمد، شيخ المحققين محمد فؤاد عبد الباقي: حياته ومنهجه في التحقيق ومجهوداته في خدمة السنة، تونس: الدار المالكية، 2015.
- محمد عيد محمد وفا المنصور، وحي الفؤاد: مقالات ومقدمات وآثار وترجمة شيخ المحققين محمد فؤاد عبد الباقي، ، دمشق: دار المنهاج القويم، 2023.
- نعمات أحمد فؤاد، شخصية لا تُنسى: محمد فؤاد عبد الباقي صاحب فهارس القرآن الكريم، مجلة العربي الكويتية، العدد 118، سبتمبر 1968، ص 108-110.