شارع أفلاطون

الاسم

أريستوكليس بن أريستون

اسم الشهرة

أفلاطون

مولده ونشأته:

أفلاطون هو “أريستوكليس بن أريستون”، فيلسوف يوناني، ولد في عام 427 قبل الميلاد في مدينة أثينا باليونان، خلال السنوات الأخيرة من العصر الذهبي لأثينا، وقد لُقِبَ بأفلاطون بسبب اتساع جبهته وعظم جسمه، وهو من عائلة أرستقراطية عريقة الأصول، لكنه ترعرع وتربى على يد زوج أمه “فورلامس” وليس في أحضان والده، حيث توفي والده أريستون عندما كان طفلاً، وتزوجت والدته بعد وفاة والده، ونشأ أفلاطون خلال “الحرب البيلوبونيزية”، بين أثينا وأسبرطة، ودارت رحاها في أرجاء اليونان جميعًا، بل قد جاوزت حدود اليونان حتى شملت الفرس، ولبثت مضطرمة أكثر من ربع قرن، وانتهت بعد أن زعزعت دعائم القوة السياسية في أثينا، ولم يعد يُحسب لها حساب أو يُخشى لها بأس، واضطربت خلال أعوام الحرب أمورها الداخلية والخارجية، وعمت الفوضى السياسية في أعقاب تلك الحرب.

عاش أفلاطون في أكثر الفترات ثقافة وازدهارًا، حيث شهد تنوعًا ثقافيًا وفكريًا وحضاريًا في أثينا خلال عهد “بيركليس” واندمج مع مثقفي عصره، لكنه لم يشترك في الحياة السياسية آنذاك لأن السياسيين انشغلوا في توسيع حدود أثينا، وأهملوا اتجاهات الخير والعدل في بلادهم.

تلقى أفلاطون تعليمه في الفلسفة، والشعر، والرياضة من قبل معلمين أثينيين بارزين؛ مثل الفيلسوف كراتيلوس Cratylus))، كما أنَّه تأهل في عدد من الدورات الأوليمبية وحقق انتصارات عديدة فيها، وتعلَّم الرسم، والنحو، والشعر، والموسيقى بشكلٍ جيد خلال فترات حياته المختلفة، وكان يميل إلى الفلسفة بشكلٍ خرافي مع أنَّه أبدع في الفن إبداعًا شديدًا.

وقد التقى أفلاطون بالفيلسوف اليوناني “سقراط” وتعرَّف عليه، وهنا كانت نقطة الانطلاق في تعلم الفلسفة، حيث أُعجب به إعجابًا شديدًا ولازمه لمدة قد تصل 8 سنوات، فتأثَّر بأستاذه وفلسفته ومعارفه العلمية في مجال المنطق والأخلاق، كما أصبحت فلسفة سقراط أساس لحواراته التي وفرت بدورها صورة أكثر وضوحًا عن سقراط، خاصة أن الأخير لم يترك أي أعمال كتابية خاصة فيه.

 بالإضافة إلى أنّه درس وتعرَّف على أفكار عالم الرياضيات اليوناني المشهور “إقليدس”، و”أنتيستينس”، و”أرستيب”.

وشكلت حادثة إعدام أستاذه سقراط وشربه السم القاتل صدمة كبيرة لأفلاطون، مما جعله يذهب لزيارة “إقليدس” والمكوث عنده حوالي ثلاث سنوات، بعد ذلك ذهب إلى مصر وتعرَّف على كهنة عين شمس فأُعجب بهم وبعلمهم الفلكي، ثمَّ توجه إلى “قورينا” والتقى “بتيودورس” عالم الرياضيات المشهور.

كما سافر أفلاطون إلى “سيراكيوز” وعقد صداقة مع “ديونيسيوس” الصغير حاكم البلد، وأثر أفلاطون في مجموعة من قضايا وأمور الحكم، كما وجهه لدراسة الهندسة باعتبارها علمًا مهمًا لكل حاكم مثالي، لكنَّ الحاكم بعد فترة من الوقت طرد أفلاطون لأنّه اتُهم بالطمع والتطلع للحكم، فعاد إلى بلده أثينا التي ترعرع فيها.

قضى أفلاطون 12 عامًا من حياته في جنوب إيطاليا ومصر وصقلية، حيث درس مع العديد من الفلاسفة بما فيهم أتباع العالم “فيثاغورس”، وعندما بلغ من العمر أربعين عامًا عاد إلى أثينا.

والجدير بالذكر أن زيارته لمصر تركت في نفسه من غير شك آثارًا قوية؛ فقد شاهد في هذه البلاد آثار تلك الحضارة الضخمة التي كان يتحدث بها اليونان في إعجاب لا حد له. وليس من شك في أن أفلاطون حاول أن يفهم هذه الحضارة بعض الشيء، ولكن ليس من شك أيضًا في أنه لم يفهم منها شيئًا قليلًا، إذ لم يكن يعرف اللغة المصرية، ولم يكن يستطيع أن يتحدث إلى المصريين مباشرةً، وإنما عرف ما عرف من أمر مصر بوساطة اليونان الذين لقيهم فيها، شأن المؤرخ اليوناني «هيرودوت»، ومن هنا نستطيع أن نقول: إن الحضارة المصرية لم تؤثر في فلسفة أفلاطون تأثيرًا مباشرًا.

وبعد عودة أفلاطون إلى أثينا أسس “أكاديمية” للتعليم العالي خاصة للأعمال الفلسفية، التي ابتناها في أحد أطراف أثينا عام 387 ق.م معبدًا لربات الشعر، وقد عرفت بهذا الاسم لإطلالها على حديقة البطل أكاديموس. وأقام فيها أفلاطون يعلم الناس على طريقة أستاذه سقراط ولا يطلب من أحد أجرًا. واصطفى من بين تلاميذه ثمانية وعشرين تلميذًا كان يذهب بهم في بعض الأحيان إلى منزله، بما فيهم الفيلسوف اليوناني “أرسطو” الذي انضم إلى الأكاديمية في سن السابعة عشر. وقد ظلت الأكاديمية، مركزًا للتدريس والتأليف من دون انقطاع حتى أغلقها الامبراطور “جوستنيان” عام 529م.

وقد وضع أفلاطون تصورًا ممنهجًا وعقلانيًا لبعض المفاهيم وعلاقتها المتبادلة في علم الميتافيزيقيا، كالأخلاق وعلم النفس الأخلاقي، واحتوت أعماله على مناقشات في الجماليات، والفلسفة السياسية، وعلم الكونيات، وفلسفة اللغة وغيرها الكثير، ولم تنحصر إنجازاته في الفلسفة بل توسعت لتشمل النواحي الرياضية والعلمية.

لم يتزوج أفلاطون بل قضى حياته في سبيل العلم والتدريس، وكان يستمتع بوجوده بين تلاميذه حيث طور أفكارهم بشكل كبير، ونظمها، ووجهها نحو الخير والصلاح لا لفساد البلاد وتدميرها.

وفاته:

وبعد رحلة طويلة من التعلم والتنقل والترحال وإيصال العلم لتلامذته ومريديه توفي أفلاطون عام 347 قبل الميلاد في أثينا.

إنجازات أفلاطون الفكرية:

أمضى أفلاطون سنواته الأخيرة يكتب في الأكاديمية، وقد كان له تأثير كبير على الفلسفة وطبيعة البشر، حيث اشتمل عمله على مجموعة واسعة من الأفكار المتعلقة بالرياضيات، والعلوم، والطبيعية، والنظريات السياسية، والأخلاق، كما وضّحت معتقداته أهمية الرياضيات في التعليم وضرورته لفهم الكون بأسره، بالإضافة إلى ذلك فقد أسس أفلاطون عملاً يقوم على استخدام العقل لتطوير مجتمع أكثر عدلاً ووسطية، ويقوم على المساواة بين الأفراد.

وقد صاغ أفلاطون كتبه في أسلوب الحوار، واتخذ من سقراط بطلًا للكثير الغالب من تلك المناقشات المكتوبة، فيجري على لسانه ما يريد أن يقوله هو من فلسفة مضافة إلى فلسفة سقراط نفسه، وبذلك امتزجت آراء سقراط بآراء أفلاطون؛ حتى لا تستطيع أن تميز بينهما في كثير من المواضع، ولم يكن أفلاطون في كتابته فيلسوفًا فقط بل كان كذلك أديبًا فنانًا، فحواره مملوء حياة بما أودع من خيال حسن وفكاهة لطيفة، وقص حوادث وإدخال أشخاص ذوي شخصيات مختلفة يمثلون أدوارهم تمثيلًا دقيقًا.

وأظهر شيء في أسلوب أفلاطون أنه أسلوب خيالي، فهو لا يشرح فكره بوضوح وبطريقة علمية مباشرة، ولكن يشرحه من طريق الاستعارات والأساطير والقصص، وهي طريقة جميلة في كثير من الأحيان ولكنها مربكة، فكثيرًا ما يتردد الباحث هل هو يريد المعنى الحقيقي لكلامه، أو هو قد أتى به على طريق الاستعارة، وأنه يرمي إلى معنًى آخر، وقد جاء هذا من قِبَل أنه فيلسوف شاعر، أو فيلسوف وأديب معًا، واجتماع الفلسفة والشاعرية خطر؛ لأن غرض الفلسفة فهم الحقيقة وشرحها من الطريق العلمي، وغرض الشاعرية مجرد شعورك بالحقيقة ووصف إحساسك بها بعرض صور واستعارات ومجازات وما إليها، فإذا كان الإنسان فيلسوفًا شاعرًا فهناك الخوف من أنه لا يعمد إلى الحقيقة الخارجية فيشرحها بل يعمد إلى شعوره بها فيشرحه على الطريقة الشعرية، فكان أفلاطون بديعًا في مزج الشعر بالفلسفة فخرج قوله حكيمًا جميلًا، ولكنك لا تدري في كثير من الأحيان أين هو حكيم وأين هو جميل؟ ثم لا تعرف أحكمة هو فتركن إلى ظاهر لفظه، أو خيال وشعر فتحاول أن تتبين ما يرمي إليه.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • جورج طرابيشي، معجم الفلاسفة، بيروت: دار الطليعة، (د.ت)، ص64-65.
  • زكي نجيب محمود وأحمد أمين، قصة الفلسفة اليونانية، مؤسسة هنداوي، 2018.
  • طه حسين، قادة الفكر، مؤسسة هنداوي، 2013.
  • عبد الرحمن بدوي، أفلاطون في الإسلام، الطبعة الثالثة، بيروت، 1982.
  • فؤاد زكريا، جمهورية أفلاطون، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1985، ص20-24.
  • منى عبد الرحمن المولد، محاضرات في الفلسفة اليونانية ابتداء من سقراط، مطبعة السلام، ص39-72.
  • يوسف كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية، الطبعة الأولى، دار القلم، 2008.