شارع الجبرتي

الاسم

عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الرحمن الجبرتي

اسم الشهرة

الجبرتي

مولده ونشأته:

هو عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الرحمن الجبرتي، ولد بأحد أحياء القاهرة في عام 1745، وأصل أسرته يعود إلى بلدة “جبرت” من بلاد زيلع بأرض الحبشة، حيث هاجر عبد الرحمن الجد السابع لمؤرخنا إلى مصر، وأصبح شيخًا لروارق الجبرت بالأزهر الشريف، وكان هذا المنصب وقتئذ ينتقل من الأب الى الابن.

نشأ عبد الرحمن الجبرتى فى بيت علم وثراء فقد كان والده الشيخ “حسن الجبرتي” عالمًا كبيرًا من علماء عصره، ليس فقط فى علوم الدين ولكن فى علوم الدنيا أيضًا خصوصًا الفلك والرياضيات، وكان أيضًا رجل أعمال له أقارب بين التجار المصريين ومالكي السفن، وقد ورث ورثًا ضخمًا من جدتة لأبي.

تلقى عبد الرحمن الجبرتي تعليمة الأول على يد والده، وفى بعض الكتاتيب التى كانت منتشرة فى حي الأزهر، ثم انتقل بعد ذلك إلى المدرسة السنانية بالصناديقية، وقد أتم حفظ القرآن الكريم وهو سن الحادية عشر.

بعد أن أتم الجبرتى تعليمة بالمدرسة السنانية التحق بالأزهر الشريف، حيث درس على يد علماء الأزهر أصدقاء أبيه، فدرس علوم الدين واللغة. ودرس التصوف وكان من مريدي الشيخ “محمود الكردي”، ورافقه في ذلك الشيخ “عبد الشرقاوي”، ولكن الجبرتي لم يوغل في التصوف.

كما درس الرياضيات والفلك والهندسة على يد والده الشيخ حسن الجبرتي، وقد برع في تلك العلوم وقام بدريسها في الأزهر، ولم يول الجبرتي عنايته لدراسة غير الرياضيات والفقه والحساب.

ومما لاشك فيه أن البيئة العلمية التي نشأ فيها الجبرتي كانت عونًا له في أن يأخذ عن أبيه العلوم الرياضية والفكرية، بالإضافة إلى ما أتيح له من التتلمذ على يد كثير من الشيوخ الذين التقى بهم فى بيت والده، وكان من أشهرهم: الشيخ مرتضى الزبيدي وعبد ربه العزيزي وآخرون.

وعندما توفي والده الشيخ حسن الجبرتي في عام 1775 ترك له أموال وأوقاف انتقلت إليه، هذا فضلًا عن مكتبته الضخمة الزاخرة بشتى الكتب والأدوات الفلكية والحسابية. بالإضافة إلى أن الجبرتي استطاع أن يوطد علاقاته مع زملاء والده من العلماء، والأمراء الذين كانوا يترددون على منزل والده، فكان خير زاد له في تدوين مادة كتابه.

رحلته في مصر:

لقد ساعدت الجبرتي الأموال التي ورثها عن والده في أن يقوم برحلة الى الوجه البحري زار خلالها كفر الزيات وطنطا وفوه ورشيد وإدكو ودمياط والمنصورة، كما يظن أنه نزل “بابيار” لتفقد مزارع الأسرة، كما ذهب إلى أبو قير، كما يرجح أنه فى تاريخ ما برحلة إلى الوجه القبلي، وذلك لدقة إلمامه فى كتاباته ببلاد الصعيد.

وبعد عودة الجبرتي من هذه الرحلة، رجع إلى الدراسة في الجامع الأزهر حتى أتم دراسته وهو في الثانية والعشرين من عمر أي حوالي عام 1776، وأجازه شيوخ في أن يدرس، لذلك قام بالتدريس في حلقات الأزهر.

الجبرتي في عهد الحملة الفرنسية:

عندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798 كان الجبرتي في الأربعينيات من عمره، وقد كان على علاقة طيبة بحكام مصر وقادتها الدينية، ومكنته صداقته الحميمة بـ”إسماعيل الخشاب”، الذي كان عضوًا منتظمًا بالدواوين التي أقامها الفرنسيون في أن يصل إلى وثائق المحكمة الكبيرة ويطلع عليها.

وقد أصبح الجبرتي عضوًا في الديوان الذي شكله “مينو”، قائد الحملة الفرنسية بعد مقتل “كليبر”، أي حوالي عام 1800.

الجبرتي في عهد محمد علي باشا:

بعدما تم جلاء الحملة الفرنسية انشغل الجبرتي بكتابة تاريخ مصر، وقد وقف موقف المعارضة لحكم محمد علي باشا منذ بداية حكمه لمصر وانشقاقه على الدولة العثمانية. وظل سنوات يترقب ما ستؤول إليه الأحداث في عهد هذا الرجل، وكان خلال ذلك يرصد كل شيء، ويدوّن الحوادث والمتفرقات، ويسند كل ما يقول ويدون إلى مصدر ثقة أو شاهد عيان سماع عاصر الحدث أو سمع عنه.

وقد طلب منه محمد علي أن يكتب كتابًا في مدحه، ولكن الجبرتي رفض ذلك، فهدده فرفض الجبرتي الانصياع تحت التهديد؛ وكان من عاقبة ذلك أن قُتل ابنه، كما يشير المؤرخون. ففي صباح 19 يونية 1822 خرج جماعة على ابنه “خليل” وخنقوه، وقد أصيب الجبرتي بموت ابنه على هذه الصورة، وهو بين المرض والكبر، بنازلة شديدة حطمت حياته، فترك الكتابة والتأليف.

الأهمية التاريخية لمؤلفات الجبرتي:

ترجع أهمية وشهرة الجبرتي إلى كتاباته التاريخية؛ فقد عاش فى فترة شهدت أحداث ضخمة قامت بإخراج مصر من عصر ووضعتها على عتبة عصر جديد، حيث شهد ضعف وانحلال النظام العثماني المملوكي، كما شهد الحملة الفرنسية على مصر، وحكم  محمد علي تلك الفترة التى لم يكن الطريق فيها أمام مصر مستقيمًا. لذلك كتب الجبرتي عن ثلاث عصور هي مصر العثمانية والحملة الفرنسية والفترة الأولى من عصر محمد علي.

وتعد أعمال الجبرتي ومؤلفاته وثائق تاريخية ذات أهمية كبيرة وفريدة من نوعها في تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي، فقد كان الجبرتي يحمل بين جوانبه صورًا مفصلةً عن الحياة الاجتماعية لأهل مصر بتفاصيلها. تنبع قيمة مدوناته وما كتبه من كونه عاصر أكثر الأحداث التي كتب عنها، وشارك في بعضها وعاينها بنفسه، وتابع بعضها وذلك من خلال علاقاته الكثيرة واتصالاته مع الجهات الرسمية في ذلك الوقت.

يعود الفضل للجبرتي في تدوين تاريخ مصر في تلك الفترة بما فيها من حوادث وتراجم رجال، فحفظ حوادث وأخبار تلك الحقبة شديدة الاضطراب. واتَّبع الجبرتي في كتابته طريقة اليوميات والحوليات مع إفاضة في التفاصيل والمتعة والدقة.

وكان يحرص أن يعاين الأحداث العامة بنفسه ليتوخى الصدق ويتجنب نقل الأخبار الكاذبة، لقد تعرّض الجبرتي في سياق ذلك لكل شيء، فقد ذكر الأحوال الاقتصادية من زراعة وتجارة وفلاحة، وإلى أنواع النقود المتداولة في الدولة وإلى الأسعار وأنواع المقايضات التي كانت تحكم العلاقات التجارية. وتعرض إلى الحياة الاجتماعية بكل ما فيها من أحوال شخصية وعادات أسرية وقيم سائدة في المجتمع آنذاك. كما تعرض إلى الحياة الدينية والثقافية وأخبار الأدباء والعلماء المشهورين والمشايخ البارزين.

فقام بتدوين يوميات الحملة الفرنسية على مصر في كتابه “مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس”. والملاحظ أن الجبرتي تعرض إلى النقد في موقفه من الفرنسيين من المصريين ومن الفرنسيين كذلك، فقد اتهمه المصريون بالتعاون مع الفرنسيين والولاء لهم في سياق تأريخه، كما اتهمه الفرنسيون بالتعصب ضد مظاهر الحضارة الحديثة التي كانوا يدعون تقديمها للعالم الإسلامي والمجتمع المصري.

إلا أن كتابه هذا نال ثناءً كبيرًا في أوساط الشعب ومن الحكام الأتراك. فقد حمله الوزير العثماني إلى الآستانة، وعرضه على السلطان العثماني “سليم الثالث” الذي أمر كبير أطبائه “مصطفى بهجت” بنقله إلى اللغة التركية، فتمّ ذلك في عام 1807.

ونتيجة لذلك عملَ الجبرتي جاهدًا على جمع تاريخ مصر الذي شغَل به لأكثر من خمسة عشر سنة في مؤلَف واحد، فعزمَ على كتابة تاريخ مصر كاملًا وجعل كتابه مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس واحد من فصوله الرئيسة، وأطلق على هذا الكتاب مسمى “عجائب الآثار في التراجم والأخبار”.

وقد بدأ التأريخ فيه منذ أقدم العصور في صورة سريعة، حتى يصل للعصر العثمانى فيبدأ فى التفصيل وينتهى الكتاب عند محمد علي حتى عام 1822.

ويعد كتاب عجائب الآثار من أهم الكتب التاريخية في القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر الهجري في العصور المتأخرة، والتي توافق تقريبًا القرن الثامن عشر الميلادي والذي يليه، ويمكن اعتباره المصدر الوحيد الذي تناول أحداث تلك المرحلة بصدق ودون تحيُّز أو محاباة لأي شخص أو حاكم.

وقد قسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، الأول حتى أواخر عام 1189 للهجرة، والثاني حتى أواخر عام 1212 للهجرة، والثالث حتى أواخر عام 1220 للهجرة.

وفاته:

ألح على الجبرتي الحزن وأكثر في البكاء على ابنه حتى ذهب بصره، وبقي في داره مريضًا أعمى، حتى توفي في عام 1825. وبعد وفاته احترق منزله بالصناديقية، واحترقت معه المكتبة العظيمة الحافلة التي تركها له والده، ودفن الجبرتي مع أبيه ببستان العلماء.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • أحمد عزت عبد الكريم (مشرفًا)، عبد الرحمن الجبرتي: دراسات وبحوث، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1976.
  • حسين عاصي، عبد الرحمن الجبرتي: مؤرخ الصدام الحضاري الأول بين الشرق والغرب في العصر الحديث، بيروت: درا الكتب العلمية، 1993.
  • خير الدين الزركلي، الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، ج3، بيروت: دار العلم للملايين، 1992، ص561.
  • محمد أنيس، مدرسة التاريخ المصري في العصر العثماني، القاهرة: معهد الدراسات العربية، 1962.