شارع جوهر الصقلي

الاسم

جوهر بن عبد الله

اسم الشهرة

جوهر الصقلي- جوهر القائد

مولده ونشأته:

هو جوهر بن عبد الله، المعروف بالرومي أو الصقلي، مما يدل على أن أصله من صقلية، ولد جوهر في جزيرة صقلية الواقعة في البحر المتوسط حوالي 928م، وكانت صقلية في تلك الفترة إمارة فاطمية. وقد نشأ جوهر على الإسلام متمسكًا بأهدابه، مثقفًا تثقيفًا عاليًا بفضل انتشار اللغتين العربية واللاتينية، وغيرهما من اللغات السائدة في هذه البلاد، وأخذ بنصيب كبير من الحضارتين العربية والرومانية. وكان لتلك الثقافة أكبر الأثر فيما عرف به جوهر من حسن السياسة والمهارة الحربية.

جوهر واتصاله بالمعز لدين الله الفاطمي:

شب جوهر في كنف الدولة الفاطمة ببلاد المغرب بين موالي المعز، وقد اختصه المعز من بين مواليه وكناه بأبي الحسين، وقد قربه إليه لما توسمه فيه من الإخلاص للدين والمواهب الفذة والثقافة الواسعة التي أخذ منها بأوفى نصيب.

ظل جوهر يتدرج في سلك المناصب ببلاد المغرب حتى اتخذه المعز كاتبًا له. ولقب منذ ذلك الحين “بجوهر الكاتب”. وقد كانت الكتابة إحدى المناصب العالية التي كان الخلفاء لا يسندونها إلا لمن أنسوا فيهم الكفاءة والقدرة على معالجة الأمور، كما كانت الخطوة الأولى إلى الوزارة إذا ما حاز صاحبها رضاء الخليفة. وكان جوهر عند حسن ظن الخليفة به، فرقاه إلى منصب الوزارة .

وقد قام المعز بإرسال جوهر في نفس العام لفتح ما بقي من بلاد المغرب خارج سيطرة الفاطميين. وبالفعل تمكن جوهر من فتحها وتوطيد الأمن في أرجاء بلاد المغرب في أقل من سنة، وإتمام الفتوحات التي بدأها “أبو عبد الله الشيعي” عام 869م، فأخضع لسلطان المعز أهالي هذه البلاد ودانوا له بالطاعة.

وقد صار جوهر في مرتبة الوزير، حتى عرف بالكاتب، مما يبين طموحه إلى تحسين مركزه؛ كما عرف بالقائد بسبب أن الفاطميين لم يكن لهم قائد في مثل كفاءته، وحينما تم فتح مصر لقبه المعز بلقب: مولى أمير المؤمنين، أي أن المعز شديد التمسك به.

استيلاء جوهر على مصر:

كانت هالة النصر تحيط بجوهر منذ أن أرسله المعز مرتين ضد قبائل البربر في سنتي 958م و960م، واستطاع أن يدين المغرب كله لطاعة المعز. ولم اطمأن المعز إلى سيطرته في المغرب، حشد جوهر قائده المظفر المال والعدة، وأرسله في جيش معظمه من المغاربة من قبيلة كتامة ونحوها من طوائف البربر، بلغ عدده أكثر من ألف فارس. كذلك صاحب الجيش أسطول بحري، ليقضي على أي خطر، قد يأتي من تدخل الروم (البيزنطيين).

وكان خروج هذا الجيش من القيروان في فبراير 969م، فخرج الخليفة المعز لوداع جوهر، فوقف جوهر أمام خليفته، ليقبل يده وحافر فرسه، فأمره المعز بالركوب. وقد أصبح خروج الخليفة الفاطمي لتوديع الجيش من تقاليد الفاطميين. بل أمر الخليفة رجال الدولة النزول لجوهر، بما فيهم أولاد المعز، كما ان المعز بعد رجوعه إلى قصره، أنفذ لجوهر ملبوسه وما كان عليه سوى خاتمه وسراويله؛ وذلك على سبيل البركة. فكان هذا الاهتمام الكبير من قبل خليفة الفاطميين، يدل على الآمال الكبار التي عقدها بفتح مصر.

ولما وصل جيش المعز إلى نواحي الإسكندرية، سارع المصريون بإرسال وفد منهم إلى جوهر، فكتب لهم جوهر كتابًا طويلاً، التزم فيه بأن يحترم ملة أهل مصر –يقصد المذهب السني- إذ الإسلام سنة واحدة وشريعة متبعة، وألا يتعرض لأملاكهم، وأن يعتني بأحوال بلادهم الاقتصادية، وأن يجاهد الروم الذين غزوا الشام وبلاد الجزيرة، وأن يؤمن الحج الذي انقطع بسبب الفوضى التي كان الحجاز يعيشها.

وحينما دخل جوهر الفسطاط عاصمة البلاد في 5 يولية 969م، طالب المصريون جوهرًا بتجديد الأمان، فجدده لهم، كما كتب لأهل الريف والصعيد أمانًا ثالثًا.

تأسيس جوهر لمدينة القاهرة 969م:

دخل جوهر مدينة الفسطاط في 17 يولية 969م، وعسكر في الفضاء الواقع شمالها. وفي تلك الليلة نفسها وضع جوهر أساس المدينة التي عزم على إنشائها لتكون حاضرة الدولة الفاطمية، كما وضع أساس قصر مولاه المعز.

بات المصريون في أمان، فلما أصبحوا وحضروا للتهنئة في المكان الذي نزل فيه جوهر وجنوده، وجدوا أنه وضع أساس عاصمة جديدة، بما فيها الجامع والقصر، وأنه حفر الخندق، وأدار حولها سورًا سميكًا، كما اختطت كل قبيلة من القبائل المغربية التي جاءت معه حارة أو مكانًا لها، عرفت باسمها. هذه المدينة التي أنشئت خلف الفسطاط، سماها جوهر في أول الأمر “المنصورية”، فظلت تعرف بذلك حتى قدم المعز، فسماها القاهرة تفاؤلاً بأنها ستقهر الأعداء، ولا سيما أن المؤرخين نسبوا تسمية القاهرة إلى ظاهر فلكية؛ كما نسبت إلى المعز نفسه، فسميت أيضًا “القاهرة المعزية”، أو حتى “مدينة المعز”.

تقع القاهرة المعزية شمال الفسطاط، وكانت وقت إنشاءها تمتد من منارة جامع الحاكم إلى باب زويلة، وكانت حدودها الشرقية هي حدود القاهرة الحالية، أما الجهة الغربية فلم تتجاوز شارع الخليج. وعلى ذلك فهي تحد شمالاً بباب البرقية والباب المحروق (الدراسة الآن)، وغربًا بباب السعادة وباب الفرج وباب الخوخة.

وتشمل القاهرة المعزية أحياء الجامع الأزهر والجمالية والحسينية وباب الشعرية والموسكي والغورية وباب الخلق.

ولما اختط جوهر مدينة القاهرة جعل لها أربعة أبواب، هي: بابا زويلة وباب النصر وباب الفتوح، حيث كانا بابي زويلة يتكونان من بابين متجاورين.

بناء جوهر للجامع الأزهر 970م:

كان المذهب السني في ذلك الوقت منتشرًا في مصر، لذلك لم يرد جوهر، بما عرف عنه من الحزم وبعد النظر، أن يفاجيء السنيين في مساجدهم بشعائر المذهب الفاطميين الشيعي. ومن ثم شرع في بناء الجامع الأزهر في سنة 970م، وتم بناؤه في سنتين تقريبًا، وأقيمت الصلاة فيه لأول مرة في 22 يونية 972م.

جوهر بعد قدوم المعز إلى مصر:

ظلت مقاليد الأمور في مصر بيد جوهر أربع سنوات يحكم نيابة عن الخليفة الفاطمي، حتى قدم المعز إلى مصر في عام 972م، فاستأثر المعز بكل ما كان يتمتع به جوهر من النفوذ، على أن جوهرًا قد بقي بجانب المعز يدله على أحوال البلاد ويشير عليه بما تتطلبه من وجوه الإصلاح. وعلى الرغم من ذلك أقصاه المعز عن مناصب الدولة الكبيرة كالخراج والحسبة وغيرها.

وظل جوهر يتوارى قليلاً قليلاً عن مسرح السياسة المصرية، ولم يعد إلى الظهور إلا أواخر سنة 974م، حينما تفاقم خطر القرامطة واستعصى على المعز وقواد جيشه كبح جماحهم، فلجأ إلى جوهر وولاه قيادة جيوشه، ولم يكن جوهر في تلك المدة أقل إخلاصًا وولاء لمولاه المعز، ثم لابنه العزيز بالله من بعده عما كان عليه من قبل، وكان ذلك آخر عهد جوهر بالشئون العامة في مصر.

وفاة جوهر:

مرض جوهر في أيامه الأخيرة حتى توفي في 28 يناير 992م. وقد قام العزيز بالله بإرسال الحنوط والكفن له، ثم صلى عليه، ودفن بالقرافة الكبرى.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • أيمن فؤاد سيد، الدولة الفاطمية في مصر: تفسير جديد، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007، ص141-160.
  • عبد المنعم ماجد، ظهور الخلافة الفاطمية وسقوطها في مصر: التاريخ السياسي، القاهرة: دار الفكر العربي، 1994، ص94-103.
  • علي إبراهيم حسن، تاريخ جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله الفاطمي، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1963.
  • محمد جمال الدين سرور، تاريخ الدولة الفاطمية، القاهرة: دار الفكر العربي، 1995، ص32-72.