حارة الخرنفش

الاسم

حارة الخرنفش

اسم الشهرة

 

 الخرنفش مادة تتحجر مما يوقد على مياه الحمامات القديمة من الأزبال وغيرها، وكانت تستعمل مع الجير مونة للبناء. وقد استخدمها الخليفة العزيز بالله في بناء القصر الغربي، الذي كان يتوج المنطقة، لذا عرف الشارع باسمها.

وفي الحقيقة أن اسم الخرنفش لم يكن هكذا، فقد ذكره “ابن تغري بردي” و”القلقشندي” باسم “الخرنشف”، وذكر ابن تغري بردي أن هذا الشارع كان “كانت قديمًا ميدانًا للخلفاء، فلما تسلطن المعز أيبك التركماني بنوا به إصطبلات، وكذلك القصر الغربي، وكانت النساء اللاتي أخرجن منه سكنَ بالقصر النافعي، فامتدت الأيدي إلى طوبه وأخشابه وحجارته، فتلاشى حاله وتهدم وتشعث، فسمي بالخرنشف لهذا المقتضى، وإلا فكان هذا الميدان من محسن الدنيا”.

وأورده “المقريزي” باسم “الخرشنف”. وأيًا كان الأمر، فقد حرف الاسم إلى الخرنفش، المستخدم حاليًا.

وهذه الحارة كانت تقع قديمًا في المنطقة التي تحد اليوم من الشمال بالجزء الشرقي من شارع الخرنفش ومن الغرب حارة خميس العدس وحارة اليهود القرابين ومن الجنوب عطفة المصفى وعطفة الذهبي ومن الشرق حارة البرقوقية ومدخل شارع الخرنفش.

وترسخ هذا الاسم عندما أطلق على دار فخمة بنيت في أول الشارع ووصفها المقريزي قائلاً: “هي من أجل دور القاهرة وأعظمها، أنفق في زخرفتها سبعة عشر ألف درهم”.

وقد بنى دار الخرنفش التي بالشارع الأمير “سيف الدين أبو سعيد خليل” الذي ولد في مدينة حلب، وجاء إلى مصر وهو مازال طفلاً فرباه وعلمه فنون الفروسية الملك الأشرف خليل. وبمجرد أن اعتلى السلطان الناصر محمد بن قلاوون العرش المملوكي قربه إليه وأنابه عنه في حكم دمشق، غير أنه لم ينعم بهذا المنصب ورضا السلطان طويلاً، فقد وشى به بعض الوشاة، فغضب عليه السلطان، وأحضره إلى القلعة وجرده من مناصبه وأمواله، وسجنه في القلعة، ثم نقل إلى سجن بالإسكندرية، حيث مكث شهرًا ثم نفذ فيه حكم الإعدام.

سكن دار الخرنفش بعد الأمير سيف الدين أبو سعيد قاضي القضاة “برهان الدين إبراهيم بن جماعة”، ثم اشتراها الشيخ “زين الدين عبد الباسط بن خليل”، وظل أحفاده يتوارثونها إلى أن اشتراها عباس باشا قبل أن يجلس على عرش ولاية مصر، وجددها وسماها بالإلهامية، لكي ينسبها إلى ابنه إبراهيم إلهامي باشا، وبعد إلهامي اشتراها “خليل بك يجن”، ثم منحها الخديو إسماعيل إلى نقيب الأشراف “السيد علي البكري”، بعد أن اضطر إسماعيل لهدم داره التي كانت بالأزبكية حين شرع في تنظيمها على الأسس الأوروبية.

وقد تواجد بالشارع دار الوزارة في العهد الفاطمي، ثم أصبحت مقر استقبال المبعوثين والرسل. وعندما قرر صلاح الدين الأيوبي حبس أولاد العاضد، آخر الخلفاء الفاطميين. تحول دار الوزارة هذا إلى سجن، ثم أنشأ الحاكم بأمر الله بالقرب من هذا المقر أو السجن دار الحكمة، ملأها بعدد كبير من الكتب من خزائن القصور والمساجد، وأصبحت دار الحكمة مقصدًا للأطباء والفقهاء والعلماء.

وفي شارع الخرنفش تتواجد حارة “خميس عدس”، وفيها مبنى مهم هو دار كسوة الكعبة التي تأسست عام 1233هـ، وقد ظلت تعمل حتى عام 1962م. وما زالت هذه الدار موجودة حتى الآن، حتى بعد توقف مصر عن إرسال الكسوة. وأمام الدار نجد مشغل كسوة الكعبة الشريفة، وقبله كانت تتواجد ورش المخارط الحديدية والقواديم والمناشير، والتي أنشأها محمد على باشا.

فقد كان شارع الخرنفش يشهد خروج كسوة الكعبة المسماة بـ”المحمل” في احتفال رسمي بهيج؛ من أمام مسجد القاضي عبد الباسط، وكان قاضى قضاة مصر ووزير الخزانة العامة والمشرف على صناعة الكسوة الشريفة التي كانت آياتها القرآنية تحاك بماء الذهب والفضة.

كما يقع في شارع الخرنفش واحدة من أشهر المدارس في مصر مدرسة “القديس يوسف” التي تعرف بـ “الفرير”، والتي تم إنشاؤها في يوليو عام 1858م، وتخرج منها الكثير من رموز مصر من بينهم الزعيم سعد زغلول، والزعيم مصطفى كامل، ومن الفنانين نجيب الريحاني، فريد الأطرش، ورشدي أباظة، وعبد الفتاح القصرى، والمغنى والملحن داود حسنى.

ومن أشهر الحارات الموجودة بشارع الخرنفش أيضًا حارة الأمراء التي كان السكن فيها محرم إلا على الإشراف من أقارب الخليفة أيام الفاطمية، ولما زالت ملكهم ودولتهم سكن هذه الحارة أخو صلاح الدين شمس الدولة توران شاه، ولا يزال هذا الاسم باقيا حتى الآن.

شارع الخرنفش يعيش الآن تحت ثقل وضع يناقض تمامًا فخامة ماضيه الأسطوري، فهو يبدأ بزقاق ضيق مزدحم بسيارات الأجرة والبائعين الجائلين، وفي وسطه يقف شاب أمام فاترينة لبيع وجبات المعكرونة السريعة، وفي خلفه تطل واجهة مدرسة القديس يوسف.

واجهة وكالة صناعة الأجولة الخيش تكرس انتماء الشارع إلى القرون الوسطى، وبعدها تطل واجهات محل محمد العجوز وحلواني عدوية وعمارة عالية بنيت حديثًا مكان البيت الذي إن الموسيقار محمد عبد الوهاب أقام فيه بعد أن غادر بيت أسرته بباب الشعرية.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع