شارع خالد بن الوليد

الاسم

أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة

اسم الشهرة

خالد بن الوليد

خالد بن الوليد، صحابي وقائد عظيم، ذاع صيته في المشرق والمغرب طيلة النصف الأول من القرن السابع الميلادي، فكان أحد أسباب نصرة الدين الإسلامي على كل أعدائه. اشتُهر بتخطيطاته وبراعته في قيادة جيوش المسلمين. كما يعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم. يعد أول قائد عسكري يدخل في المعارك تكتيك الحرب النفسية، فقد اعتمد “سيف الله المسلول” في معاركه على مهاجمة قادة أعدائه مباشرةً، لتوجيه ضربات نفسية لمعنويات أعدائه وجعل صفوفهم تضطرب، كما اعتمد في حروبه على أسلوب المناوشات بوحدات صغيرة من الجند في المعارك، لاستنفاد طاقة أعدائه، ثم شن هجمات بفرسانه على الأجنحة.

مولده ونشأته:

هو أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة، ينتهي نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي الجد السابع للنبي ﷺ وأبي بكر الصديق، رضي الله عنه. ولد خالد على أرجح الأقوال حوالي عام 30 قبل الهجرة الموافق 592 ميلادية، وكان طويلاً بائن الطول، وكان عظيم الجسم والهامة، مهيب الطلعة يميل إلى البياض.

وينتمي خالد إلى قبيلة “بني مخزوم” أحد بطون قريش، وكان لها شرف عظيم ومكانة كبيرة في الجاهلية، وكانت على قدر كبير من الجاه والثراء. أما أبوه فهو “عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي”، وكان ذا جاه عريض وشرف رفيع، وكان معروفًا بالحكمة والعقل؛ فكان أحدَ حكام قريش في الجاهلية، وكان ثَريًّا صاحب ضياع وبساتين لا ينقطع ثمرها طوال العام.

وفي هذا الجو المترف المحفوف بالنعيم نشأ خالد بن الوليد، وتعلم الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ. واستطاع خالد أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله فارس عصره بلا منازع. ورغم غنى والده إلا أنه كان يعود نفسه عيشة الشظف والخشونة عمدًا في البادية، ليصبر على مضانك الحرب وشدائد الجوع والظمأ.

حياته قبل الإسلام:

كان خالد معاديًا للإسلام ناقمًا على النبي ﷺ والمسلمين الذين آمنوا به وناصروه، بل كان شديد العداوة لهم شديد التحامل عليهم، ومن ثَم فقد كان حريصًا على محاربة الإسلام والمسلمين، وكان في طليعة المحاربين لهم في كل المعارك التي خاضها الكفار والمشركون ضد المسلمين.

وكان له دور بارز في إحراز النصر للمشركين على المسلمين في غزوة “أُحد”، بعد أن خالف الرماة أوامر النبي ﷺ، وتركوا مواقعهم في أعلى الجبل، ونزلوا ليشاركوا إخوانهم جمع غنائم وأسلاب المشركين المنهزمين، فدار خالد بفلول المشركين وباغتَ المسلمين من خلفهم، فسادت الفوضى والاضطراب في صفوفهم، واستطاع أن يحقق النصر للمشركين بعد أن كانت هزيمتهم محققة.

كما كان خالد أحد كبار قريش يوم الخندق الذين كانوا يتناوبون الطواف حول الخندق علهم يجدون ثغرة منه؛ فيأخذوا المسلمين على غرة، ولما فشلت الأحزاب في اقتحام الخندق، وولوا منهزمين، كان خالد أحد الذين يحمون ظهورهم حتى لا يباغتهم المسلمون.

وفي “الحديبية” خرج خالد على رأس مائتي فارس دفعت بهم قريش لملاقاة النبي ﷺ وأصحابه، ومنعهم من دخول مكة، وقد أسفر الأمر عن عقد معاهدة بين المسلمين والمشركين عرفت باسم “صلح الحديبية”.

إسلام خالد:

أسلم خالد في صفر عام 8 هـ/ يونيو 629م؛ أي قبل فتح مكة بستة أشهر فقط، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين. وقد سُرَّ النبي ﷺ بإسلام خالد، وقال له حينما أقبل عليه: “الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير”. وفرح المسلمون بانضمام خالد إليهم، فقد أعزه الله بالإسلام كما أعز الإسلام به، وتحول عداء خالد للإسلام والمسلمين إلى حب وتراحم، وانقلبت موالاته للكافرين إلى عداء سافر، وكراهية متأججة، وجولات متلاحقة من الصراع والقتال.

صحب خالد النبي ثلاث سنوات، وعهد إليه النبي في كثير من الأعمال الصغيرة، وأشركه في بعض الأعمال الكبيرة، ومنها غزوة مؤتة وغزوة حنين وسرية بني جذيمة، ولقبه النبي بـ “سيف الله”، رغم قصر المدة التي قضاها معه، وشهد خالد مع النبي ﷺ كذلك غزوتين لم يجر فيها قتال، وهما غزوة الطائف وغزوة تبوك.

خالد في مؤتة:

كانت أول معركة اشترك فيها خال بعد إسلامه، هي سرية “مؤتة”، حينما أرسل النبي ﷺ سرية الأمراء إلى مؤتة في جمادى الأولى عام 8هـ/ سبتمبر 629م للقصاص من قتلة “الحارث بن عمير” رسوله إلى صاحب بُصرى.

وجعل النبي ﷺ على هذا الجيش “زيد بن حارثة” ومن بعده “جعفر بن أبي طالب”، ثم “عبد الله بن رواحة”، فلما التقى المسلمون بجموع الروم، استشهد القادة الثلاثة الذين عينهم النبي ﷺ، وأصبح المسلمون بلا قائد، وكاد عقدهم ينفرط وهم في أوج المعركة، وأصبح موقفهم حرجًا، فاختاروا خالدًا قائدًا عليهم.

واستطاع خالد بحنكته ومهارته أن يعيد الثقة إلى نفوس المسلمين بعد أن أعاد تنظيم صفوفهم، وقد أبلى خالد في تلك المعركة بلاء حسنًا، فقد اندفع إلى صفوف العدو يعمل فيهم سيفه قتلاً وجرحًا حتى تكسرت في يده تسعة أسياف.

وقد أخبر النبي ﷺ أصحابه باستشهاد الأمراء الثلاثة، وأخبرهم أن خالدًا أخذ اللواء من بعدهم، وقال عنه: “اللهم إنه سيف من سيوفك، فأنت تنصره”. فسمي خالد “سيف الله” منذ ذلك اليوم.

وبرغم قلة عدد جيش المسلمين الذي لا يزيد عن ثلاثة آلاف فارس، فإنه استطاع أن يلقي في روع الروم أن مددًا جاء للمسلمين بعد أن عمد إلى تغيير نظام الجيش بعد كل جولة، فتوقف الروم عن القتال، وتمكن خالد بذلك أن يحفظ جيش المسلمين، ويعود به إلى المدينة استعدادًا لجولات قادمة.

خالد وفتح مكة:

وحينما خرج النبي ﷺ لفتح مكة في 10 رمضان 8هـ/ 3 يناير 630م، جعل النبي خالد على أحد جيوش المسلمين الأربعة، وأمره بالدخول من “الليط” في أسفل مكة، فكان خالد هو أول من دخل من أمراء النبي، بعد أن اشتبك مع المشركين الذين تصدوا له وحاولوا منعه من دخول البيت الحرام، فقتل منهم ثلاثة عشر مشركًا، واستشهد ثلاثة من المسلمين، ودخل المسلمون مكة، بعد ذلك، دون قتال.

خالد وغزوة حنين:

وفي “غزوة حنين” كان خالد على مقدمة خيل “بني سليم” في نحو مائة فارس، خرجوا لقتال قبيلة “هوازن” في شوال 8هـ/ فبراير 630م، وقد أبلى فيها خالد بلاءً حسنًا، وقاتل بشجاعة، وثبت في المعركة بعد أن فرَّ من كان معه من بني سليم، وظل يقاتل ببسالة وبطولة حتى أثخنته الجراح البليغة، فلما علم النبي ﷺ بما أصابه سأل عن رحله ليعوده. ولكن هذه الجراح البليغة لم تمنع خالدًا أن يكون على رأس جيش المسلمين حينما خرج إلى “الطائف” لحرب “ثقيف” و”هوازن”.

خالد وحروب الردة:

بعد وفاة النبي ﷺ ظن بعض المنافقين وضعاف الإيمان أن الفرصة قد أصبحت سانحة لهم للانقضاض على هذا الدين، فمنهم من ادعى النبوية، ومنهم من تمرد على الإسلام ومنع الزكاة، ومنهم من ارتد عن الإسلام. وقد وقع اضطراب كبير، واشتعلت الفتنة.

وقد واجه الخليفة الأول “أبو بكر الصديق” تلك الفتنة بشجاعة وحزم، وشارك خالد بن الوليد بنصيب وافر في التصدي لهذه الفتنة والقضاء عليها، حينما وجهه أبو بكر لقتال “طليحة بن خويلد الأسدي”، وكان قد ادعى النبوة في حياة النبي ﷺ حينما علم بمرضه بعد حجة الوداع، ولكن خطره تفاقم وازدادت فتنته بعد وفاة النبي والتفاف كثير من القبائل حوله، واستطاع خالد أن يلحق بطليحة وجيشه هزيمة منكرة فر طليحة على إثرها إلى الشام، وبعد فرار طليحة راح خالد يتتبع فلول المرتدين، فأعمل فيهم سيفه حتى عاد كثير منهم إلى الإسلام.

ثم سار خالد ومن معه إلى “مالك بن نويرة” الذي منع الزكاة بعد وفاة النبي ﷺ، فلما علم مالك بقدومه أمر قومه بالتفرق حتى لا يظفر بهم خالد، ولكن خالدا تمكن من أسره في نفر من قومه، وكانت ليلة شديدة البرودة، فأمر خالد مناديًا أن أدفئوا أسراكم، وظن الحرس، وكانوا من كنانة، أنه أراد قتل الأسرى، على لغتهم، فشرعوا فيهم سيوفهم بالقتل، حتى إذا ما انتبه خالد كانوا قد فرغوا منهم.

وأراد خالد أن يكفّر عن ذلك الخطأ الذي لم يعمده فتزوج من امرأة مالك؛ مواساة لها، وتخفيفًا عن مصيبتها في فقد زوجها الفارس الشاعر.

وبعد ذلك خرج خالد لقتال مسيلمة الكذاب الذي كان من أشد أولئك المتنبئين خطرًا، ومن أكثرهم أعوانًا وجندًا، ودارت معركة عنيفة بين الجانبين، انتهت بهزيمة “بني حنيفة” ومقتل “مسيلمة”، وقد استشهد في تلك الحرب عدد كبير من المسلمين بلغ أكثر من ثلاثمائة وستين من المهاجرين والأنصار.

فتوحات خالد في العراق:

بعد أن قضى أبو بكر على فتنة الردة التي كادت تمزق الأمة وتقضي على الإسلام، توجه الصديق ببصره إلى العراق يريد تأمين حدود الدولة الإسلامية، وكسر شوكة الفرس المتربصين بالإسلام.

وكان خالد في طليعة القواد الذين أرسلهم أبو بكر لتلك المهمة في أوائل عام 12هـ/ 633م، واستطاع خالد أن يحقق عددًا من الانتصارات على الفرس في عدد من المواقع، وواصل خالد تقدمه نحو “الحيرة” ففتحها بعد أن صالحه أهلها على الجزية، واستمر خالد في تقدمه وفتوحاته حتى فتح جانبًا كبيرًا من العراق، ثم اتجه إلى “الأنبار” ففتحها. ثم اتجه إلى “عين التمر” التي اجتمع بها عدد كبير من الفرس، تؤازرهم بعض قبائل العرب، فلما بلغهم مقدم خالد هربوا، والتجأ من بقي منهم إلى الحصن، وحاصر خالد الحصن حتى استسلم من فيه، فخرج في جيشه إلى دومة الجندل ففتحهما، وبسط خالد نفوذه على الحصيد والخنافس والمصيخ، وامتد سلطانه إلى الأرض السواد ما بين دجلة والفرات.

فتوحات خالد في الشام:

ثم رأى أبو بكر أن يتجه بفتوحاته إلى الشام، فكان خالد قائده الذي يرمي به الأعداء في أي موضع، حتى قال عنه: “والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد”، ولم يُخيب خالد ظن أبي بكر فيه، فقد استطاع أن يصل إلى الشام بسرعة بعد أن سلك طريقًا مختصرًا، مجتازًا المفاوز المهلكة غير المطروقة، ليكون في نجدة أمراء أبي بكر في الشام، وهم “أبي عبيدة عامر الجراح”، و”شرحبيل بن حسنة” و”عمرو بن العاص”، فيفاجئ الروم قبل أن يستعدوا له. وما إن وصل خالد إلى الشام حتى عمد إلى تجميع جيوش المسلمين تحت راية واحدة، ليتمكنوا من مواجهة عدوهم والتصدي له.

وأعاد خالد تنظيم الجيش، والتقى المسلمون والروم في “وادي اليرموك” وحمل المسلمون على الروم حملة شديدة، أبلوا فيها بلاءً حسنًا حتى كتب لهم النصر في النهاية. وتجلت حكمة خالد وقيادته الواعية حينما جاءه رسول برسالة من “عمر بن الخطاب” تحمل نبأ وفاة أبي بكر الصديق وتخبره بعزله عن إمارة الجيش وتولية أبي عبيدة بدلاً منه، وكانت المعركة لا تزال على أشدها بين المسلمين والروم، فكتم خالد النبأ حتى تم النصر للمسلمين، فسلم الرسالة لأبي عبيدة ونزل له عن قيادة الجيش.

خالد بين القيادة والجندية:

ولم ينته دور خالد في الفتوحات الإسلامية بعزل عمر له وتولية أبي عبيدة أميرًا للجيش، وإنما ظل خالد يقاتل في صفوف المسلمين، فارسًا من فرسان الحرب وبطلاً من أبطال المعارك الأفذاذ المعدودين. وكان له دور بارز في فتح “دمشق” و”حمص” و”قنسرين”، ولم يفت في عضده أن يكون واحدًا من جنود المسلمين، ولم يوهن في عزمه أن يصير جنديًا بعد أن كان قائدًا وأميرًا؛ فقد كانت غايته الكبرى الجهاد في سبيل الله، ينشده من أي موقع وفي أي مكان.

وفاة خالد:

وتوفي خالد بحمص في 18 رمضان 21هـ/ 20 أغسطس 642م. وقد جاءت كلماته الأخيرة تعبر عن حزنه بسبب عدم موته شهيدًا، فقال: “لقد حضرت كذا وكذا زحفًا وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء”. وحينما علم عمر بن الخطاب بوفاته، حزن عليه، وقال: “دع نساء بني مخزوم يبكين على أبي سليمان، فإنهن لا يكذبن، فعلى مثل أبي سليمان تبكي البواكي”.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • إبراهيم عرجون، خالد بن الوليد، القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية، 1976.
  • أبو زيد شلبي، تاريخ خالد بن الوليد البطل الفاتح، القاهرة: دار الفرجاني، 1993.
  • آغا إبراهيم أكرم، سيف الله: خالد بن الوليد- دراسة عسكرية تاريخية عن معاركه وحياته، مؤسسة الرسالة، 1982.
  • صادق إبراهيم عرجون، خالد بن الوليد، القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية، 1967.
  • عباس محمود العقاد، عبقرية خالد، القاهرة: دار نهضة مصر، 2002.