شارع سنان باشا
الاسم | سنان بن علي بن عبد الرحمن |
اسم الشهرة | سنان باشا |
مولده ونشأته:
هو سنان بن علي بن عبد الرحمن، ولد في عهد السلطان “سليم الأول” عام 912هـ/ 1506م. وقد نشأ سنان باشا نشأة علمية، كما تعلم فنون القتال على أحسن ما يكون، وكان لذلك أثره الكبير في حياته العملية، فقد اشتهر بالذكاء والدهاء والقدرة السياسية والعسكرية. وقد أهلته مهاراته وامكانياته ومواهبه إلى أن يصبح أحد رجال البلاط العثماني، ومن الوزراء المقربين للسلاطين العثمانيين، خاصة السلطان “سليم الثاني” (1524-1574م).
المناصب التي تقلدها:
نظرًا إلى ما تمتع به سنان باشا من مهارات قيادية وعسكرية وما أظهره من إخلاص وتفان للدولة العثمانية جعلته موضع ثقة من السلاطين العثمانيين، فقد تقلد ولاية مصر مرتين: الأولى (1568-1569م)، والثانية (1571- 1573م). كما تقلد ولاية دمشق سنة 1586م.
بالإضافة إلى ذلك فإنه تقلد منصب الصدر الأعظم “رئيس الوزراء” خمس مرات؛ أولها عام 1580م في عهد السلطان “مراد الثالث”. ثم عين صدر أعظم للمرة الثانية عام 1589 وعزل في عام 1591. وفي عام 1593 أصبح صدرًا أعظم للمرة الثالثة حتى عزل في فبراير 1595م. وبعد فترة وجيزة من ارتقاء السلطان “محمد الثالث” العرش، عاد سنان باشا صدر أعظم مرة رابعة من أغسطس حتى 19 نوفمبر 1595م. وعندما توفي الصدر الأعظم الذي خلفه بعد ثلاثة أيام من توليته، أدى ذلك إلى أن يصبح سنان باشا صدرًا أعظم للمرة الخامسة حتى توفي فاجأة في ربيع عام 1596.
سنان باشا واعادة السيطرة العثمانية على اليمن:
قاد سنان باشا الحملة التي أعادت فتح اليمن عام 1569م، فعندما اضطربت الأحوال في اليمن مع ظهور الزعيم الزيدي “المطهر” الذي كاتب أهل اليمن ودعاهم للخروج عن طاعة السلطان العثماني، فاجتمعت القبائل لدى المطهر الذي دخل صنعاء بعد أن ألقى بالعثمانيين هزيمة ساحقة وشعرت الحكومة العثمانية بخطورة الموقف، وقررت إرسال حملة كبرى إلى اليمن بقيادة سنان باشا، وقد اهتم السلطان العثماني سليم الثاني اهتمامًا كبيرًا بإرسال تلك الحملة، لأن اليمن كان يمثل جزءًا هامًا من إستراتيجية العثمانيين في البحر الأحمر، وهي غلق هذا البحر أمام الخطر البرتغالي، علاوة على ذلك يكون درعًا قويًا للحجاز، وقاعدة للتقدم في المحيط الهندي.
تحركت الحملة من مصر ووصلت إلى ينبع واستقبله هناك قاضي القضاة في مكة وعند وصوله إلى مكة المكرمة استقبله أهلها ودخلت الجيوش العثمانية معه، وكأن جنود مصر انتقلت إلى مكة بالإضافة إلى جنود الشام وحلب وفرمان ومرعش، وضبط سنان باشا الجنود، وأجرى الصدقات وأحسن على العلماء والفقهاء، ومكث عدة أيام في مكة وغادرها إلى جازان، وعندما اقترب منها، هرب حاكمها من قبل الإمام الزيدي المطهر، وأقام سنان باشا في جازان، فأقبلت عليه العربان يطلبون الطاعة وكان منهم أهل صبيا فأكرمهم سنان باشا وخلع عليهم وكساهم كما أقبلت عليه وفود عربان اليمن وبذلوا الطاعة طالبين الأمان.
أسرع سنان باشا إلى تعز، بعد أن ضبط جازان إذ بلغه أن الوالي العثماني في تعز ومن معه من الجنود في ضيق من أمرهم بسبب قطع عرب الجبال عليهم الميرة، وحصل عليهم المجاعة، فقطع الوزير سنان باشا المسافة في غاية السرعة، ونزل خارج تعز، وانتشر جنوده في جبالها ولما شاهد الزيديون كثافة ذلك الجيش، اعتصموا بأحد الجبال المسمى الأغبر.
قام سنان باشا وجزء من جيشه بمتابعة الزيود في جبل الأغبر، وتمكنوا منه عند ذلك خرج الزيود من مخابئهم لمواجهة العثمانيين، فانهزم الزيود وولوا هاربين فأنعم سنان باشا على جميع الجنود العثمانيين.
جهز سنان باشا حملتان وذلك للاستيلاء على عدن، الأولى عن طريق البحر بقيادة خير الدين القبطان المعروف بقورت أوغلي، وأخو سنان باشا، والثانية عن طريق البر بقيادة الأمير حامي وبرفقته عدد من الفرسان، حتى تمت السيطرة عليها.
فرغ سنان باشا في هذا الوقت من جنوب اليمن، فاتجه نحو “ذمار” وأمر بسحب المدافع لحصار صنعاء، فجهز المطهر نفسه للانسحاب منها، ونقل ما فيها من الخزائن وتقدم سنان باشا نحو صنعاء بعد أن وعد أهلها بالأمان فاطمأنت قلوبهم واختاروا عدداً منهم لمقابلته، فأكرمهم سنان ودخل صنعاء بعد ذلك إلا أنه لم يستقر فيها بل نهض بجيوشه الجرارة لحرب كوكبان وثلا؛ لأن سنان باشا رأى أنه لن يتمكن من السيطرة على اليمن بأكمله إلا بالقضاء على مقاومة المطهر وأتباعه، فأخذ يوالي حشد قواته وتبعه في ذلك الوالي العثماني، ودامت الحرب سجالاً ما يقرب من عامين، انتهت بموت الإمام الزيدي المطهر في مدينة ثلا عام 1573م.
سنان باشا واعادة السيطرة العثمانية على تونس:
عندما قرر السلطان سليم الثاني إعادة بسط سيطرة الدولة العثمانية على تونس، قام بتكليف وزيره سنان باشا وقبودانه “قلج علي” بالقيام بهذه المهمة، والتوجه إلى تونس لإعادة نفوذ الدولة العثمانية إليها. كما أصدر السلطان أوامره بتحضير الجنود والمؤن والذخيرة، بالإضافة إلى تجهير 283 سفينة مختلفة الأحجام.
وفي نفس الوقت أخذ “حيدر باشا” الحاكم العثماني في تونس، الذي انسحب إلى “القيروان” في حشد وتجهيز المجاهدين والمتطوعين من الأهالي الذين التفوا حوله وناصروه.
وقد أبحر الأسطول العثماني بقيادة سنان باشا وقلج علي في 14 مايو 1574م، فخرج من المضائق إلى البحر المتوسط، فقاموا بضرب ساحل “مسينا”، ومن هناك قطعوا عرض البحر في خمسة أيام. في هذا الوقت وصل الحاكم العثماني في تونس حيدر باشا، بالإضافة إلى بعض القوات والمتطوعين من بعض الولايات العربية العثمانية القريبة.
بدأ القتال في ربيع سنة 1574م، وباشر سنان باشا الحرب بنفسه كواحد من الجند حتى أنه أمر بعمل متراس يشرف منه على قتال من في “البستيون”، كما كان ينقل الحجارة والتراب على ظهره مثل الجنود. وشدد سنان باشا في حصاره على البستيون حتى استطاع فتحه لجأ الحفصيون إلى صقلية حيث ظلوا يوالون الدسائس والمؤامرات والتضرُّعات لملوك إسبانيا سعيًا لاسترداد ملكهم، واتَّخذهم الإسبان آلات طيِّعة تخدم بها مآربهم السياسيَّة حسبما تُمليه الظروف عليهم، وقضى سقوط تونس على الآمال الإسبانيَّة في إفريقيا، وضعفت سيطرتها تدريجيًّا حتى اقتصرت على بعض الموانئ مثل مليلة ووهران والمرسى الكبير، وتبدَّد حلم الإسبان نحو إقامة دولة إسبانيَّة في شمال إفريقيا وضاع بين الرمال.
أعمال سنان باشا وآثاره المعمارية:
عندما تولى سنان باشا ولاية مصر للمرة الثانية شرع في تعمير البلاد وتأمين العباد، ودفع من يريد البغي والعناد، وقطع جادرة أهل الفساد، وإكرام العلماء والإحسان إليهم، وتقوية الضعفاء من الفلاحين والرعايا، وجذب قلوب كافة البرايا، إلى أن عمرت مصر بعد خرابها وتدميرها.
كما أنشأ عمارة جليلة حسنة وأبنية عالية نفيسة وقفها في وجوه الخيرات. ومن محاسن آثاره إعادة حفر الخليج الذاهب إلى الإسكندرية، فقطعه وعمره، فعاد على أحسن ما يكون، وعمر الثغر السكندري، وبنى وربوعًا ووكائل وغير ذلك، وعمر تكية في طريق الروم.
بالإضافة إلى ذلك قام ببناء قصر في حي الزيتون، وبناء جامع يحمل اسمه “مسجد سنان باشا”، في شارع السنانية المنسوب إليه بالسبتية في حي بولاق عام 1571م، وهو ثاني جامع عثماني يتم إنشاؤه في القاهرة، ويبلغ طوله 35 مترًا وعرضه 27 مترًا، ويتكوَّن من قبَّةٍ مركزيَّةٍ كبيرة يُحيطها ثلاثة إيوانات: شمالًا وجنوبًا وغربًا. ونظرًا إلى ضيق مساحته فإن الجامع لا يُحيطه فناء، بل أسوار تهدم الشرقي منها في عام 1902م، وكان المسجد يطل علي النيل مباشرة.
كما قام سنان باشا ببناء مجموعة في ساحة “باب الجابية” بدمشق، تضم جامعًا ومدرسة وسبيلاً للماء. والتي شرع في بنائها عام 1586م، ويمتاز الجامع عن غيره من مساجد دمشق بمناراته المستديرة والمكسوة بألواح القاشاني الأخضر.
وفاته:
توفي سنان باشا في عام 1004هـ/ 1596م بعد حياة حافلة بالجهاد والعمارة، رحمه الله وأسكنه الله فسيح جناته.
البوم الصور
موقع اللوحة بالشارع
المصادر والمراجع
- أحمد منصور، الآثار ترميم جامع سنان الأثري فى منطقة غرب القاهرة، اليوم السابع، 9 ديسمبر 2019، رابط الإتاحة: https://m2.youm7.com/story/2019/12/9/%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D9%85-%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9-%D8%B3%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AB%D8%B1%D9%89-%D9%81%D9%89-%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9/45378992019
- حسن عبدالوهاب، تاريخ المساجد الأثرية في القاهرة، ج1، القاهرة: الدار العربية للكتاب، 1993، ص302-305.
- سعاد ماهر، مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، ج5، القاهرة: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 2010، ص133-140.
- محمد بن أبي السرور البكري، فيض المنان في دولة آل عثمان، تحقيق ودراسة وتعليق عبد الرازق عيسى، القاهرة: مكتبة زهراء الشرق، 2011، ص342-352.
- ميلاد حنا زكي، مسجد سنان باشا..تحفة تركية في بولاق أبو العلا، المصري اليوم، 26 يولية 2012، رابط الإتاحة: https://www.almasryalyoum.com/news/details/149377