شارع عمر طوسون

الاسم

عمر طوسون محمد سعيد محمد علي

اسم الشهرة

الأمير عمر طوسون

مولده ونشأته:

الأمير عمر طوسون هو الإبن الثاني للأمير “طوسون بن محمد سعيد بن محمد علي باشا”، ولد في مدينة الإسكندرية يوم الأحد الموافق 8 سبتمبر 1872م، ولما بلغ الرابعة من عمره توفي والده، فكفلته وربته جدته لأبيه وأشرفت على تعليمه، وكانت دراسته الأولى في قصر والده، ثم في صباه أكمل تعليمه في سويسرا، حيث درس فيها القانون والعلوم السياسية والاقتصاد وأدب الرحلات.

وبعد تخرجه تنقل بين عدة بلدان أوروبية مثل: فرنسا وإنجلترا، وشاهد ما هي عليه من حضارة وتقدم ووقف على ما وصلت إليه من رقي وتطور. ثم عاد إلى الوطن محملاً بزاد كبير من العلم والثقافة، وإجادة للإنجليزية والفرنسية والتركية، وعزم على إصلاح بلده والتجديد فيها.

حياته العملية:

بعد عودته من أوروبا تفرغ لإدارة أملاكه، وكان قد ورث ثروة طائلة عن أبيه تضمن له عيشة رغدة، واستمتاعًا بمباهج الحياة دون تعب أو جهد، ولكنه لم يكن من هذا الصنف الذي يميل إلى الراحة، بل كان ممن يجد متعته في العمل النافع، فأدار أملاكه إدارة حسنة، وشغل نفسه بتحسين غلة أرضه وتجويد صنف محاصيلها. ولم تمض سنوات قليلة حتى زادت موارد أملاكه، وبلغ من حسن إدارته أن أسند إليه اثنان من أقاربه إدارة شئون أملاكهما، فقام بذلك عن رضا نفس وطيب خاطر دون أن يتقاضى عن ذلك أجرًا.

وقد هيأت له نشأته الطيبة وثقافته العالية وميوله الإسلامية أن يقترب كثيرًا من أبناء الشعب المصري ويخالطهم، وكان أكثر أمراء البيت العلوي إحساسًا بقضايا الأمة وعملاً على تحسينها، وكما أقترب طوسون من القضايا الوطنية أقترب كثيرًا من القضايا الإسلامية، فلم يُخف ميوله إلى الدولة العثمانية والوقوف إلى جانبها وفي صفها.

وكان طوسون قريبًا من الناس، فقد كان لا يمتنع عن الوجود بين الناس وخاصة في الإسكندرية إلا أنه كان لا يعطي صداقته إلا للقليل. ورغم أنه كان أميرًا إلا أنه كان لم يتردد من الاقتراب من فلاحي أراضيه ومعرفة مشاكلهم ومساعدتهم فيما يجب أن يساعدهم فيه. وربما كان يعود ذلك إلى وعيه بقيمة ذلك ومردوده على اهتمامه بأرضه وزراعته ما يؤدى إلى زيادة الإنتاج أو بسبب طابعه المتديّن والمحب للتصوف، وأن هذه الأفعال من الأمير كانت جديرة بالتقدير والثناء وكانت مواقفه مع أهالي الإسكندرية ودية للغاية، ومن هنا أُطلق عليه لقب “أمير الإسكندرية”.

ولم يتوان الأمير عمر في الاهتمام بالشأن الثقافي العام والمشاركة فيه فقد كان من الأمراء الذين يجيدون القراءة والكتابة والحديث باللغة العربية وكان عضوًا في العديد من الجمعيات العلمية والثقافية في عصره. كما قدم العديد من المساعدات منها الاهتمام بنشر الثقافة ومساعدة العاملين في أنشطتها حيث شارك بفاعليه في ندوات المجمع العلمي المصري. كما أنه لم يتوانَ عن المشاركة برأيه في العديد من القضايا الحضارية والثقافية المطروحة آنذاك.

دوره الوطني:

كان عطاء الأمير عمر طوسون للقضية المصرية كبيرًا، وإن لم تسعفه مواقفه وظروف مصر السياسية لمزيد من العطاء. وهناك أكثر من مرحلة مر بها الدور السياسي الوطني لطوسون. المرحلة الأولى بدأت مع بدايات القرن العشرين واستمرت حتى قرب نهاية الحرب العالمية الأولى. ورغم عدم وضوح دوره أو إخفاقه خلال تلك المرحلة بسبب الاحتلال الانجليزي والقيود التي وضعت على ممارسة الأمراء للسياسة، ناهيك عن طابع طوسون المسالم في المعارضة، فإن طوسون حاول المشاركة بشكل أو بآخر، وكان في ذلك من مؤيدي سياسة “مصطفى كامل” و”محمد فريد”، أو مؤيدًا لسياسة الحزب الوطني القائلة بضرورة جلاء الإنجليز عن مصر.

وبقدر ما أدت مواقفه في هذه الفترة إلى تعرّضه لبعض المضايقات السياسية مثل منعه من العودة من فرنسا عند نشوب الحرب. كما أبعدته عن أن يصل إلى حكم مصر بعد عزل الخديو “عباس حلمي الثاني” عام 1914، وكذلك بعد وفاة السلطان “حسين كامل” في عام 1917.

وأما المرحلة الثانية للدور السياسي الوطني لطوسون فبدأت منذ قرب نهاية الحرب العالمية الأولى وتمثلت في الأساس في دعوته لتكوين وفد مصري للذهاب إلى مؤتمر الصلح في فرساي للمطالبة باستقلال مصر مع السودان. ومع إنه كان صاحب الفكرة فإن “سعد غلول” وصحبه، وبالتعاون مع “السلطان فؤاد”، بل والإنجليز أبعدوه عن رئاسة الوفد المصري. وعندما قبل بمجرد المشاركة فقط فإنه أبعد عنها أيضًا، مع أنه كان يطمح من مشاركته إلى خدمة القضية المصرية السودانية بماله وجهده.

ورغم فشله في ذلك فقد فشل في تكوين وفد من الحزب الوطني موازٍ للوفد المصري للتأكيد على استقلال مصر مع السودان. ورغم الضربات الموجعة من سعد غلول ورفاقه من أجل إبعاده عن أي دور في الحركة الوطنية، فإن طوسون أصر على المشاركة الإيجابية في مصر وبما يؤيد المطالب المصرية. من هنا كان رفضه لجهود الجنرال “اللنبي” لاحتواء حركة الأمراء ومشاركته في مقاطعة لجنة “ملنر”، وحرصة على وحدة الأمة برغم اختلافها على تشكيل الوفد واحتجاجه على تصريح رئيس الوزراء البريطاني “ونستون تشرشل”، ومُطالباته المتكررة بحقوق مصر، بل ومحاولاته للإصلاح بين رجال الوفد أنفسهم. ثم رفضه لتصريح 28 فبراير 1922، لأنه لم يعطِ الاستقلال الكامل لمصر مع السودان وإرجاء قضية السودان، إذ حث طوسون السلطان فؤاد على التمسك بذلك.

بيد أن القبول بتصريح 28 فبراير 1922 ثم صدور دستور عام 1923 كانا بمثابة مرحلة جديدة في الدور السياسي الوطني لعمر طوسون. فوفقًا للدستور أصبح السلطان فؤاد ملكًا على مصر والسودان وحظي بسيطرة مهمة على البرلمان والحكومة والبلاد.

وكانت قوة نفوذ الملك فؤاد تعني بشكل ضمني إبعاد عمر طوسون الذي فضل الابتعاد عن المشاركة الفعلية في الفاعليات السياسية التي طغت عليها الصراعات الحزبية. وبالتدريج أصبح طوسون يكتفي بالإدلاء بآرائه في بعض القضايا السياسية عندما يطلب منه ذلك أو بالكتابة التي اعتبرها منذ ذلك الوقت خير منبر يعبّر فيه عن رأيه بقدر أوسع من الحرية.

بيد أن هذا لا يعني أن طوسون ابتعد تمامًا عن الساحة السياسية حيث شارك بين الحين والآخر في إصدار نداءات للوفاق بين الأحزاب أو في إبداء رأيه في الشؤون المصرية، مثل قضية تعطيل العمل بالدستور أو تشكيل الوزارات أو المفاوضات بين مصر وإنجلترا وكذلك في المسألة السودانية.

   وبعد موقفه الرافض لدستور عام 1930 الذي صنعه “إسماعيل صدقي” المتحالف مع الملك فؤاد وتعرّضه لهجوم شرس، بدأ الدور السياسي لطوسون يشهد التراجع. وهنا نجده وقد زاد من اهتمامه بأمور أراضيه وممتلكاته وكذلك بالمشاركة في أنشطة الجمعيات وتقديم المزيد من الدور المجتمعي ناهيك عن زيادة اهتمامه بالكتابة والتأليف.

أعماله الخيرية:

يعد الأمير عمر طوسون من أكثر المصريين في العصر الحديث مشاركة في أعمال الخير، وكان في مقدمة أعماله الخيرية ما فعله مع “الجمعية الخيرية الإسلامية”، التي كانت تقوم بدور عظيم في مجال التعليم عبر مدارسها المنتشره في أنحاء مصر، فحين تعثرت ميزانيتها بعد أن تأخر كثير من المساهمين فيها في دفع اشتراكاتهم، ودعت أهل الخير للتبرع بالمال لإستكمال رسالتها؛ فكان الأمير عمر طوسون أول من إستجاب لهذه الدعوه من المصريين و تبرع بمبلغ “خمسة آلاف جنيه”، و ذلك في سنة 1920م، ولم يكتف بهذا بل دعا غيره للتبرع حتى وصل المبلغ إلى خمسة عشر ألف جنيه، فاستعانت به الجمعية في عملها.

وعندما لفت نظره ما تعانيه “الجمعية الخيرية القبطية” من ضيق، تبرع لها بألف جنيه، ودعا الأقباط إلى الإكتتاب لها كما دعا المسلمين إلى الإكتتاب لجمعيتهم، ونشر ذلك في الصحف.

كما تبرع لمدرستي البطركخانة والمشغل البطرسي على إثر زيارته للأنبا “كيرلس” بطريرك الأقباط الأرثوذكس بمبلغ من المال، يصرف من ريعه على الطلاب المتفوقين في المدرستين

بالإضافة إلى ذلك شارك مشاركة فعالة في جمعية منع المسكرات التي أنشأها الدكتور “أحمد غلوش”، وكانت مصر قد أبتليت بانتشار الخمارات ومحلات بيع الخمور في أنحائها، الأمر الذي أفزع الغيورين، وكان غلوش واحدًا من هؤلاء.

وقد لقيت الجمعية عونًا ظاهرًا من الأمير طوسون، فأرسل في سنة 1930م إلى رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب رسالة طالبهم فيها بالنظر في سن قانون يقضي بمنع تداول المسكرات في البلاد، وبعث إليهم بمشروع لهذا القانون، وترأس وفدًا من الجمعية سنة 1934م لمقابلة “الملك فؤاد”، وعرض عليه مذكره تطالبه بتحريم المسكرات في المملكة.

وقد شملت صلاته الخيرية عشرات الجمعيات في مصر، مثل “جمعية الشبان المسلمين”، و”العروة الوثقى”، و”المواساة”، و”الملجأ العباسي”، و”مشيخة العلماء بالإسكندرية”، فضلًا عن إعاناته المختلفة للمعاهد العلمية والأثرية والرياضية.

اكتشافاته الأثرية:

كان الأمير عمر طوسون شديد الولع بمطالعة كل ما له علاقة بتاريخ مصر والسودان، كما كان مغرمًا بالبحث في مجال الصحراء، محبًا للتنقيب عن الآثار، وكانت مدينة الإسكندرية وما حولها هي محل عنايته في البحث والتنقيب. فقام برحلات كثيرة إلى الصحراء الغربية، ودرس طبيعة هذه الجهات، وما فيها من الواحات دراسة مستفيضة، ووفق إلى كشف آثار لها أهميتها، فاكتشف في أطلال بناء قديم في جنوب غرب واحة “الدالة” صليبًا قبطيًا من البرونز يرجع عهده إلى القرن الخامس أو السادس الميلادي، بالإضافة إلى بعض الأواني الفخارية الأثرية، كما اكتشف بقايا أديرة للرهبان في “وادي النطرون”، وقد نشر عنها بحثًا مستفيضًا مع الصور الفوتوغرافية في مجلة “الجمعية الملكية للآثار”.

ومن اكتشافاته الهامة عثوره على رأس تمثال الإسكندر الأكبر بخليج العقبة، واكتشافه لبقايا مدينة مغمورة بالماء على عمق خمسة أمتار بخليج أبي قير سنة 1933، وقد نشر عن هذا الاكتشاف في مجلة الجمعية الملكية للآثار سنة 1934.

مؤلفاته:

اتجه الأمير عمر طوسون إلى الكتابة والتأليف، ولم تشغله أعماله -على كثرتها- عن الإنتاج العلمي الغزير بالعربية والفرنسية، وموالاة الصحف ببحوثه العلمية الدقيقة، واستأثرت البحوث التاريخية والجغرافية والأثرية بإنتاجه كله، ودارت كلها حول مصر والسودان، ومن مؤلفاته:

  • صفحات من تاريخ مصر والجيش البري والبحري.
  • بطولة الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك.
  • الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم.
  • الصنائع والمدارس الحربية في عهد محمد علي باشا.
  • البعثات العلمية في عهد محمد علي وفي عهدي عباس وسعيد.
  • المسألة السودانية.
  • فتح دارفور.
  • تاريخ مديرية الاستواء (في ثلاثة أجزاء).
  • مذكرة عن تاريخ النيل.
  • جغرافية مصر في العصر العربي.

وفاته:

وبعد حياة مليئة بالعطاءات والانجازات توفي الأمير عمر طوسون يوم الأربعاء الموافق 26 يناير 1944. وكان قد أوصى ألا تقام له جنازة ونفذ له “الملك فاروق” وصيته، مقتصرًا على تشييع الجثمان الذي شارك فيه الوزراء والأمراء وكبار رجال الدولة.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع