شارع كمال الدين صلاح

الاسم

محمد كمال الدين صلاح

اسم الشهرة

كمال الدين صلاح

مولده ونشأته:

ولد محمد كمال الدين صلاح في 28 مايو1910، وترعرع في كنف والده الّذي كان علامة، وقاضيًا ونائبًا في المحكمة، وهذا مما ساعد محمد كمال الدين على أن يتعلم من والده قيم العدل والثبات، التي اتصف بها أثناء عمله الدبلوماسي، وينهل من مكتبة والده العريقة. وقد بدأ كمال حياته مناضلًا فى الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل.

تخرج كمال الدين في كلية الحقوق عام 1932م، فاشتغل بالمحاماة قبل أن يلتحق بالسلك الدبلوماسي.

التحاقه بالسلك الدبلوماسي: 

قدر لكمال الدين صلاح أن يعمل سفيرًا لمصر في الأماكن الأخطر أمنًا، والأعقد سياسة، حيث كان أول تعيينه كسفير لمصر عندما عين سفيرًا في القدس، في وقت كانت فيه الثورة الفلسطينة ضد الانتداب البريطاني في أوجها، فشارك في كفاح الشعب الفلسطيني. لكن السلطات أبعدته عن الشرق الأوسط، وتم نقله إلى اليابان إبان الحرب الصينية اليابانية، ثم ذهب إلى لبنان في وقت كانت الجيوش البريطانية والفرنسية تتهيأ لغزو لبنان التي كانت ملجأ للعرب الأحرار الذين فروا من قبضة الإنجليز في كل من العراق وفلسطين وإيران، فقام بمساعدتهم مما أدى إلى أن ينقل من بيروت إلى القاهرة التي بقي فيها حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

وبينما هو كان يستعد للسفر إلى سان فرانسيسكو لوضع أول ميثاق للأمم المتحدة، اغتيل “أحمد ماهر”، فاعتقل صديقه “فتحي رضوان”، وتم القبض على كمال الدين صلاح من باب الاشتباه، ونُقل بعدها إلى اليونان ليشهد الحرب الأهلية بين الحكومة والشيوعيين، ثم إلى عمان ليشارك في الحرب الأولى بين العرب والعصابات الصهيونية، ثم ذهب إلى تشيكوسلوفاكيا ليحضر فترة الانقلاب الشيوعى، ثم شهد أصعب الأيام فى دمشق تحت حكم “الشيشكلي”، وأخذ هدنة قليلة في ستوكهولم، لينقل قنصلًا في مرسيليا التي كانت مركزًا مهمًا من مراكز نشاط الثورة الجزائرية، وكان الفرنسيون ينظرون إلى كل مصري رسمي أو غير رسمي بنظرة ريبة، كونه ممن يقدمون مساعدات للثورة.

تمتد الفترة التي عمل من خلالها كدبلوماسي مصري ينتقل من عاصمة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر 18 عامًا، وذلك قبل مجيئه إلى الصومال كعضو فعال في المجلس الاستشاري في الإدارة الوصية.

أعمال كمال الدين الدبلوماسية في الصومال: 

اختارت مصر كمال الدين صلاح عام 1954م، ليكون ممثل مصر في (المجلس الاستشاري لمجلس الوصاية الثلاثي)، والذي شكلته الأمم المتحدة من مصر والفلبين وكوبا عام 1950م ليتولى الإشراف على الحكومة المحلية الصومالية لمدة عشر سنوات تنتهي عام1960، وحينها تتولى الصومال حكم نفسها بنفسها.

ومنذ أن عين كمال الدين ممثلًا لمصر في المجلس الاستشاري للوصاية عمل على بذل جهود كبيرة في سبيل تحقيق الصومال لاستقلاله قبل نهاية فترة الوصاية، واستطاع أن يجذب قلوب الصوماليين إليه، حيث قام بتدعيم اللغة العربية والثقافة الإسلامية التي كان الاستعمار يحاربها، فكافح ضد محاولات القضاء على اللغة العربية. وعمل على إنشاء مركز ثقافي في الصومال، وطلب من مصر إرسال بعثة تعليمية دينية ومدنية حتي يواجه بحسم محاولات التغريب التي كان يبذلها الاستعمار جاهدًا للنيل من عروبة الصومال.

إن نشاطات كمال الدين في تطوير الصومال وتنميته لم تقتصر على إنشاء مركز ثقافي فقط، بل عمل –أيضًا- على إصلاح الاقتصاد الصومالي، وذلك باستعانة خبراء في الأمم المتحدة والحصول على مساعدات من البنك الدولي وتسهيل عمليات إقراض للصوماليين وخلق رأس مال صومالي وتعليم الصوماليين الصناعات المنزلية، كما استدعى خبيرًا مصريًا لزراعة القطن في الصومال.

استمر كمال الدين في كفاحه لنيل الصومال استقلالها ووصولها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي؛ فكان يعمل في كل المجالات ويدعمها سواء كانت في المجال الاقتصادي والسياسي والتعليمي والديني.

بعض أعمال كمال الدين في الصومال:

أولاً-في الميدان الاقتصادي

وضع مخططًا اقتصاديًا للنهوض باقتصاديات الصومال، وتقدم به إلى الإدارة الوصية لدراسته وتنفيذه لصالح الإنماء الاقتصادي في البلاد. وتضمن مشروع كمال الدين ست نقاط أساسية، على أن تكون هذه النقاط الست محاور أساسية للصناعات الثقيلة فيما بعد، وهي:

  • ضرورة الإستعانة بخبراء من الأمم المتحدة وبمساعدات من البنك الدولي.
  • تعليم الأهالي طرق الفلاحة الحديثة التي ثبت نجاحها في البلاد الأفريقية المماثلة لظروف الصومال بالإستعانة بالفلاحين من البلاد الأفريقية والعربية العريقة في الزراعة ليعيشوا مع الأهالي ويعلموهم طرق الزراعة بالوسائل الحديثة.
  • الاهتمام بمد الطرق إلى مناطق الإنتاج الصومالية أسوة بما هو متبع بمناطق الإنتاج للإيطاليين.
  • تسهيل عمليات إقراض الصوماليين ومحاولة خلق رأس مال صومالي وطني.
  • خلق صناعات على أساس الخدمات المحلية مع اشراك الصوماليين في رأس مالها بتقديمهم الخامات التي يملكونها كالماشية في صناعة منتجات الألبان وحفظ اللحوم، ومثل القصب في صناعة السكر.
  • تعليم الصوماليين الصناعات المنزلية مثل صناعة الغزل والنسيج اليدوي، والأكياس، والحقائب، وصناعة النجارة والحدادة وعمل لوازم الزراعة البسيطة كالمحاريث والعربات.

وقام كمال الدين بإستدعاء خبير مصري لدراسة البيئة الصومالية لإنتاج القطن، وقرر الخبير المصري صلاحية الصومال لزراعة القطن طويل التيلة. وحينئذ تقدم صلاح الدين إلي الإدارة الوصية بطلب السماح لخبراء ومهندسين من العرب العارفين بوسائل الري والزراعة المتعلقة بالقطن، ولكن الإدارة رفضت الطلب من أساسه، وذكرت أنها ستولي الأمر أهمية بطريقتها الخاصة في الوقت المناسب.

ثانيًا-في ميدان التعليم

كان الإستعمار قد وضع مناهج تعليمية قبل ذهاب كمال الدين إلي الصومال، فنظم المستعمرون المناهج الدراسية بحيث تبتعد الصومال عن التيار العربي الإسلامي بالقضاء على لغة القرآن الكريم وإتاحة الفرصة لنجاح التبشير على نطاق واسع. فأسرع الزعماء الغيورون على لغة القرآن إلى كمال الدين يناشدونه مساعدته لهم في مواجهة خطر التبشير، فطلبوا منه أن يستدعي بعثة علمية ودينية من مصر لتعليم أبنائهم اللغة والدين في مدارس الأحزاب واللجان الوطنية، وبالفعل بعثت مصر بعثة تعليمية مدنية ودينية تتكون من تسعة عشر معلمًا ومعلمة، وسبعة من علماء الأزهر الشريف، وعارضت الإدارة الوصية في دخول البعثة التعليمية إلى الأراضي الصومالية في الوقت الذي سمحت فيه الإدارة لبعثة من المبشرين الأمريكيين للعمل في الصومال. وحينما ثار الشعب وتوجه زعماء الشعب إلى ممثل الإدارة الوصية وقدموا احتجاجهم ضد الإدارة لوقوفها ضد دخول البعثة التعليمية والدينية المصرية إلى الأراضي الصومالية، وأمام التيار الشعبي الصارخ في وجه الاستعمار وافقت الإدارة وأذعنت للأمر فصرحت بدخول البعثة المصرية إلى الأراضي الصومالية والقيام بعملها.

اغتيال كمال الدين:

لم يكن الاستعمار مطمئنًا لما يقوم به كمال الدين، فحاولوا عدة مرات عرقلة أعماله في سبيل نيل الصومال لاستقلالها، لكن جميع محاولات الاستعمار كانت تبوء بالفشل، ولعل ذلك راجع لما يحظى به كمال الدين من ثقة النخب الصومالية، حيث رأوا فيه انحيازًا لقضاياهم ومواجهًا للاستعمار في الصومال.

ومن المؤامرات التي حيكت ضد كمال الدين من قبل الدول الاستعمارية، أن القوى الاستعمارية أرادت إبعاده من المجلس الاستشاري للإدارة الوصية، وطالما، أنها لا تقدر الجهر بذلك لجأت إلى بعض ضعاف القلوب والنفوس بكتابة عرائض وشكاوي ضد كمال الدين وتدينه بتدخله في الشؤون الداخلية الصومالية، وقدمت الشكوى إلى المجلس الاستشاري وإلى الأمم المتحدة، غير أن هذه الشكاوي لم تجد تفاعلًا من قبل المعنيين بها، وذلك لمعرفة الكل مدى نزاهة كمال الدين وحبه للشعب الصومالي ونضاله في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال للصومال.

استمرت القوى الاستعمارية في مؤامراتها ضد كمال الدين، حتى جاء يوم 16 إبريل 1957م، وحينما انتهت جلسة اللجنة الثلاثية وخرج بعدها كمال الدين بسيارته التي يقودها بنفسه متجهًا إلي القنصلية المصرية التي وصلها حوالي الساعة الواحدة ظهرًا، حيث لاحظ عدم وجود الشرطي ولا الحارس الصومالي المعين على باب القنصلية، وأثناء سيره هاجمه شاب صومالي وطعنه بخنجر مسموم سبع طعنات، وفي الطعنة الثامنة ترك القاتل الخنجر في ظهر القتيل بعد أن تجمع الناس في حديقة القنصلية، وقاموا بالقبض عليه.

وقد كشفت التحقيقات أن الجاني يدعى محمد عبد الرحمن في الثلاثين من عمره وأنه كان قد درس في الأزهر الشريف علي نفقة الحكومة المصرية. وبذلك أصبح محمد كمال الدين صلاح أول شهداء وزارة الخارجية المصرية.

تكريم ذكرى كمال الدين:

عبر الشعب الصومالي عن وفائه للبطل الشهيد كمال الدين صلاح حينما قدم رئيس الجمعية التشريعية إقتراحًا للجمعية في 30 أبريل سنة 1957 نحو مشروع تكريم ذكرى كمال الدين صلاح، فوافقت عليه الجمعية بالإجماع بإعتبار يوم 16 أبريل من كل عام يوم الذكرى لشهيد الصومال محمد كمال الدين صلاح، كما أطلق اسمه على أحد شوارع العاصمة، وكذلك على عيادة طبية، كما أجرى إكتتاب باسم الشهيد بلغ دخله في اليوم الأول نحو 10.796 شلن صومالي.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • أحمد بهاء الدين، مؤامرة في أفريقيا، القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2008.
  • حمدي السيد سالم، الصومال قديمًا وحديثًا، القاهرة: الدار القومية للطباعة والنشر، 1965.
  • فتحي رضوان، نصف قرن بين السياسة والأدب، كتاب الهلال، القاهرة: دار الهلال، 1998.
  • محمد عبد المؤمن محمد، مصر والصراع فى القرن الأفريقى 1954-1981، سلسلة مصر النهضة رقم 85، القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية، 2011.