شارع محجوب ثابت

الاسم

محجوب ثابت

اسم الشهرة

محجوب ثابت

الدكتور محجوب ثابت، طبيب وأديب وبرلماني مصري، كان من خطباء ثورة 1919. دعا إلى تنظيم حركة العمال بمصر سنة 1920، كما دعا إلى الوحدة بين مصر والسودان. أدخل التدريب العسكري في المدارس وفي الجامعة المصرية (القاهرة)، التي كان أول طبيب مصري مساعد بها.

مولده ونشأته:
ولد محجوب ثابت في مدينة “دنقلة” بالسودان عام 1884، حيث كان والده يعمل مهندسًا بها، وكان مشرفًا على العمارات والحصون الأميرية، وعقب ولادة محجوب انتقلت أسرته إلى القاهرة. وقد تلقى تعليمه الأولي في مدارس القاهرة، ثم التحق بكلية طب قصر العيني وتخرج فيها، ثم سافر محجوب واستكمل دراسة الطب في باريس وجنيف، وأجاد اللغة الفرنسية.
حياته العملية:
عقب عودة الدكتور محجوب إلى مصر عينه “سعد زغلول” مدرسًا بجامعة القاهرة رغم اعتراض الأستاذ الإنجليزي “كيتنغ”، الذي كان يرى أنه لا يوجد مصري يصلح للتدريس بمدرسة الطب، فصار ثابت أستاذًا للطب الشرعي بالجامعة، فكبيرًا لأطبائها، وقد كانت لثابت عيادة في شارع الكومي بحي السيدة زينب، ظلت إلى ما بعد ثورة 1919.
والجدير بالذكر أن الدكتور محجوب وهب حياته لتقديم العون للجميع دون مقابل فكانت عيادته والصيدلية الملحقة بها هما بيته الذي يعيش فيه يقرأ ويكتب ويعالج المرضى دون مقابل ودون موعد مسبق ويطلب الشاي لكل من يقصده.
سطر الدكتور محجوب اسمه بأحرف من نور إبان الحرب البلقانية الثانية عام 1913 حيث قدمت السفينة المصرية (الباخرة بحر أحمر) التي كان يشرف عليها كمستشفى تابعة لجمعية الهلال الأحمر دعمًا كبيرًا وشجاعًا في إجلاء ومداواة الجرحى وحفظ أرواحهم جعلته حديث الصحف العالمية؛ فقد وصفته الصحف الأمريكية أنه لولا شجاعته لحدثت مأساة إنسانية كبيرة حيث لم تقم البوارج التركية بشيء يذكر في حرب أزهقت أرواح الآلاف من الأبرياء.
ففي عام 1914م نشرت مجلة “الجراحة العسكرية” الأمريكية مقالًا لطبيب أمريكي، وصف مجهودات السفينة المصرية “بحر أحمر” التي كانت ضمن جمعية الهلال الأحمر، والتي قامت بدور كبير في معالجة آلاف الجرحى الأتراك وغيرها من مجهودات إطعام الفقراء، ونقل المهاجرين ورعاية أرامل الجنود، واستحق المستشفى المصري أن تكتب عنه كافة الصحف الأجنبية في العالم أجمع، لمجهوداته، بل استحق أن ينال الثناء من الأتراك أنفسهم في الحرب البلقانية الثانية التي أدت لموت ما يقدر بـ 200 ألف، حسب شهادة الدكتور محجوب ثابت، الذي كان قائدًا مسئولًا عن السفينة.
محجوب ثابت والسياسة:
كان محجوب ثابت في بداية حياته السياسية عضوًا بالحزب الوطني ومن أنصار الخديو “عباس حلمي الثاني”، تماشيًا مع سياسة ذلك الحزب. وكان واسع الثقافة في أمور السياسة والإدارة والاقتصاد، واسع الدراية بشؤون السودان، وكان مهتمًا بالحركة العمالية، وقد انتخبه العمال رئيسًا لنقابة العمال المصريين، كما انتُخب سنة 1926 عضوًا بمجلس النواب المصري عن دائرة كرموز بالإسكندرية أثناء رئاسة سعد زغلول للمجلس عام 1926 وفاز في انتخاب تكميلي عام 1927 وتسجل مضابط المجلس عام 1928 دفاع محجوب عن مشاركة الحكومة المصرية في نفقات السودان بمبلغ وقدره سبعمائة وخمسون ألف جنيه لتأكيد السيادة المشتركة على السودان وفقا للاتفاق بين بطرس غالي واللورد كرومر عام 1899.
لقد قضى حياته راهبًا في محراب القضايا الوطنية والقومية فرافق ثورة عام 1919 خطيبًا مفوهًا ومتزعمًا للمظاهرات، وجامعًا للتبرعات لها فقد جمع خمسة عشر ألفا من الجنيهات من أهالي قنا وجرجا لدعم الثورة، وهو مبلغ ضخم بمقاييس هذا الزمان ويعكس منزلة الرجل ونزاهته وثقة الناس به، كما دعا إلى تنظيم حركة العمال بمصر عام 1920، وطالب بإدخال التدريب العسكري في المدارس والجامعات.
على الرغم من دراسة الدكتور محجوب الطبية، إلا أنه كان خطيبًا بارعًا، وكان صاحب ندوة مشهورة يؤمها كبار شخصيات مصر سميت “بعكوكة محجوب ثابت”، وكان صديقًا لأمير الشعراء “أحمد شوقي”، وقد ورد ذكره في العديد من قصائد شوقي، التي كان بعضها مداعبة له.
محجوب ولجنة الوفد المركزية:
ألف أعضاء الوفد المصري لجنة مركزية للوفد في مصر قبل سفرهم في 11 أبريل 1919، وكان عملها الرئيسي جمع التبرعات لتغطية احتياجات الوفد في باريس أو لجمع المعلومات عن الموقف في مصر وإرسالها إلى الوفد في باريس ليستخدمها في الدعاية للقضية المصرية في الأوساط العالمية والسياسية، وكان رئيس هذه اللجنة المركزية محمود سليمان باشا، وضمت اللجنة عددًا كبيرًا من الأعضاء على توالي الأيام، وكان من بين هؤلاء الدكتور محجوب ثابت. فقد كان الدكتور ثابت من أنصار سعد زغلول ونفي معه إلى مالطة، بمعنى أن ثابت كان من الرجال الذين حملوا عبء القضية المصرية.
محجوب ثابت والحركة العمالية:
في مارس 1924 تم تحرير شهادة ميلاد الاتحاد العام لنقابات عمال وادي النيل، وكان “عبد الرحمن فهمي” أحد الذين جذبوا الحركة العمالية إلى قيادة الوفد البورجوازية، وتولى عبد الرحمن رئاسة الاتحاد، وعاونه الدكتور محجوب ثابت في تأسيس الاتحاد، وظل الاتحاد قائمًا حتى اعتقل عبد الرحمن فهمي واستقال من رئاسة الاتحاد، وتولى مكانه معاونه المخلص الدكتور محجوب ثابت الذي كان وثيق الصلة بالوفد وبالتالي بسعد زغلول وعبد الرحمن فهمي، ولكن الإجراءات التعسفية التي قامت بها وزارة “أحمد زيور” أدت إلى الإجهاز على الاتحاد واحتجاب جريدته الأسبوعية “اتحاد العمال” ورغم محاولات حكومة زيور وبتشجيع من القصر والإنجليز السيطرة على الحركة العمالية، إلا أن أعضاء “نقابة العمال المصريين” اختاروا الدكتور محجوب رئيسًا لهم، ومعنى ذلك أن وجود الدكتور محجوب على رأس الاتحاد كان مطلبًا جماهيريًا.
محجوب ثابت والسودان:
نظرًا لنشأة ثابت الأولى في السودان فقد كان يحب هذا البلد كثيرًا بل كان عاشقًا له، وكان يعرف الكثير عن السودان وأهله وعاداته وتقاليده، وكان يؤمن إيمانًا راسخًا بوحدة مصر مع السودان، وكان كثير الحديث عن السودان، بل كان السودان –في الغالب- في بداية ونهاية أحاديثه وخطبه السياسية، وربما كان ثابت متأثرًا بالتيار الغالب آنذاك بالاهتمام بالسودان، فسعد نفسه عقب على الإنذار البريطاني السردار السير “لي ستاك” بقوله “إذا تركنا السودان فالسودان لن يتركنا”.
لقد آمن الدكتور محجوب بوحدة وادي النيل وكأنه ينظر بعيون ثاقبة للمستقبل وما سوف تعانيه مصر إن فقدت السودان فدافع دفاعًا مستميتًا لسنوات طويلة عن علاقة مصر بالسودان وضرورة وحدته مع مصر مذكرا في مجالسه بما قدمته مصر من تضحيات مادية وبشرية في فتوح السودان وحروبها.
كما كان يسافر إلى سوريا ولبنان وفلسطين داعيا للتحرر في وقت كان من الندرة بمكان اهتمام الساسة في مصر بمدها الحضاري والتنويري في دول الجوار العربي.
علاقة محجوب ثابت بشوقي وحافظ:
ارتبط الدكتور محجوب بعلاقات طيبة بالعديد من الشخصيات المرموقة في مصر ومنها أمير الشعراء “أحمد شوقي” وشاعر النيل “حافظ إبراهيم”، وكتب شوقي قصيدة عن سيارة محجوب ثابت قال فيها:
لكم في الحي سيارة … حديث الجار والجارة
إذا حركها مالت … على الجنبين منهارة
فصبرًا يا فتى النيل … فنفس الحر صبارة
وتناول حافظ إبراهيم الدكتور محجوب نفسه فقال:
يرغي ويزيد بالقافات تحسبها … قصف المدافع في أفق البساتين
من كل قاف كان الله صورها … من خارج النار تصوير الشياطين
قد خصه الله بالقافات يملكها … واختص سبحانه بالكاف والنون
والجدير بالذكر أن الدكتور محجوب كانت له فلسفته الخاصة فهو لا يعترف مثلا باللغة العربية كلغة الضاد ويراها لغة القاف فكان يكثر في كلامه من استخدام حرف القاف وسائر حروف القلقلة وكان يتحدث طوال الوقت باللغة العربية الفصحى مستشهدا بأبيات من الشعر غير مبال مع من يتحدث؟! ولو كان ماسح أحذية أو خادم، وقد تفرد في ذلك عن معاصريه ودائما ما يختتم كلامه بعبارة: “يقينا يا ولدي! يا ولدي”.

وفاته:
وبعد حياة حافلة رحل الدكتور محجوب ثابت عن الدنيا في 21 مايو 1945 بلا ولد ولا زوجة ولا مال ولا منصب، ولم يعد يذكره الناس، وهو الذي عرفته محافل القاهرة وندواتها ومؤتمراتها خطيبًا مفوهًا يلهب حماسة الناس داعيًا للثورة الشعبية، وكان معلمًا من معالم الحياة السياسية والاجتماعية في مصر عامة والقاهرة والإسكندرية خاصة.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • – خالد القشطيني، بين أحمد شوقي والدكتور محجوب، جريدة الشرق الأوسط، 20 فبراير 2015، رابط الإتاحة: https://aawsat.com/home/article/293941/%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B4%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A/%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B4%D9%88%D9%82%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D9%85%D8%AD%D8%AC%D9%88%D8%A8?__cf_chl_captcha_tk__=pmd_454e45747b02b401cdd5eea34a36e056fce465af-1628601589-0-gqNtZGzNA_ijcnBszQ-6
  • لمعي المطيعي، موسوعة نساء ورجال من مصر، القاهرة: دار الشروق، 2004، ص742-750.
  • …………..، موسوعة 1000 شخصية مصرية، القاهرة: مكتبة الدار العربية للكتاب، 2006، ص496.
  •  محمد فتحي عبد العال، محجوب ثابت: رجل بأمة، بوابة الفيصل، 16 فبراير 2021، رابط الإتاحة: http://www.elfaycal.com/ar/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88-%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9/item/8485-%D9%85%D8%AD%D8%AC%D9%88%D8%A8-%D8%AB%D8%A7%D8%A8%D8%AA-%D8%B1%D8%AC%D9%84-%D8%A8%D8%A3%D9%85%D8%A9.html
  •  محمود الدسوقي، أحبه أهل سوريا والصعيد: قصة طبيب مصري أنقذ 20 ألف مهاجر في حرب تركيا بالبلقان، بوابة الأهرام، 12 أكتوبر 2019، رابط الإتاحة: https://gate.ahram.org.eg/News/2292140.aspx?__cf_chl_captcha_tk__=pmd_4c63eace26c9ba82d54679765945d93f6bd1d79e-1628601594-0-gqNtZGzNAs2jcnBszRS6
  •  مصطفى نجيب، موسوعة أعلام مصر في القرن العشرين، القاهرة: وكالة أنباء الشرق الأوسط، 1996، ص395.