شارع مُصدق
الاسم | محمد مصدق |
اسم الشهرة | مصدق |
مولده ونشأته:
ولد محمد مصدق في طهران يوم 16 يونية 1882، وهو ينتمي إلى عائلة مرموقة من أصول بختيارية. تلقى مصدق تعليمه في طهران، ثم ذهب إلى باريس لاستكمال تعليمه في عام 1909م، حيث درس القانون في “معهد الدراسات السياسية” في باريس، وانتظم في الدراسة لمدة عامين عاد بعدها إلى إيران في عام 1911م بسبب مرضه. وبعد مرور خمسة أشهر عاد مصدق إلى أوروبا من أجل الحصول على دكتوراة القانون من جامعة نيوشاتيل في سويسرا، وفي يونية 1913 حصل على درجة الدكتوراة، وبذلك أصبح أول إيراني يحصل على دكتوراة في القانون من جامعة أوروبية.
وبعد عودته من أوروبا قام مصدق بإلقاء محاضرات في “كلية العلوم السياسية” في طهران عند بداية الحرب العالمية الأولى.
حياته السياسية:
بدأ مصدق حياته السياسية مع “الثورة الدستورية” 1905-1907، وهو في الرابعة والعشرين من عمره، حيث انتخب سنة 1906 نائبًا عن أصفهان في البرلمان الجديد الذي سمي “مجلس إيران”، ومع ذلك لم يتمكن من شغل مقعده، لأنه لم يصل للسن القانونية 30 عام.
وشغل خلال تلك الفترة منصب نائب المرشد العام للجمعية الإنسانية بإدارة مستوفی الممالك. وفي سنة 1919 رحل إلى سويسرا احتجاجًا على المعاهدة (الأنجلو فارسية)، إلا أنه عاد في العام التالي بعد أن دعاه رئيس الوزراء الإيراني الجديد “حسن بيرنا” لكي يتولى وزارة العدل. بعد ذلك أصبح وزيرًا للمالية عام 1921م، ثم عين وزيرًا للخارجية في عام 1923م، وفي نفس العام أصبح حاكمًا لمقاطعة “أذربيجان”، وفي نفس الوقت أعيد انتخابه لعضوية المجلس.
وفي سنة 1925م اقترح أنصار “رضا خان” في المجلس إصدار تشريع يحل به حكم “أسرة قاجار” وتعيين رضا خان شاهًا جديدًا. إلا أن مصدق صوّت ضد تلك الخطوة معتبرًا أن هذا الفعل هو انقلاب على الدستور الإيراني لعام 1906م. إلا أنه في 12 ديسمبر 1925م خلع المجلس الملك الشاب “أحمد شاه قاجار”، وأعلن رضا شاه عاهلًا جديدًا للدولة الفارسية، وليصبح بذلك أول ملوك الأسرة البهلوية. بعد ذلك تقاعد مصدق من الحياة السياسية، بسبب اختلافاته مع النظام الجديد.
وفي سنة 1941م اجبر البريطانيون رضا شاه بهلوي على التنازل عن العرش لابنه “محمد رضا بهلوي”. وفي سنة 1944م أعيد انتخاب مصدق مرة أخرى لعضوية البرلمان. وفي هذه المرة تسلم قيادة “الجبهة الوطنية”، التي تأسست في عام 1949م، وهي منظمة أسسها مصدق مع عشرين عضوًا آخرين، وكان هدفها إرساء الديمقراطية وانهاء الوجود الأجنبي في السياسة الإيرانية، وتخصيص النفط الإيراني الذي تهيمن عليه شركة النفط الأنجلو- إيرانية. وفي عام 1947م أعلن مصدق تقاعده مرة أخرى، بعد اقتراحه مشروع قانون للإصلاح الانتخابي وفشل في تمريره بالمجلس.
مصدق رئيسًا للوزراء:
في 28 أبريل 1951م، أصدر الشاه قرارًا بتعيين مصدق رئيسًا للوزراء، بعد ترشيح البرلمان الإيراني له لتولي هذا المنصب بأغلبية الأصوات. كان الشاه مدركًا لارتفاع شعبية مصدق وسلطته السياسية، بعد فترة من الاغتيالات.
قام مصدق بسلسلة واسعة من الإصلاحات الاجتماعية؛ فقد بدأ توزيع بدلات بطالة، وأمر أصحاب المصانع بدفع مساعدات للعمال المرضى والمصابين، ووضع 20% من أموال إيجارات الأراضي لتمويل مشروعات التنمية مثل بناء حمامات عامة وإسكان الريف ومكافحة الأمراض.
بالإضافة إلى ذلك قام بتأميم النفط الإيراني، حيث قام في 1 مايو 1955م بتأميم شركة النفط الأنجلو إيرانية ومصادرة أصولها. فقد كان مصدق يرى أن شركة النفط الأنجلو إيرانية ذراع الحكومة البريطانية للتحكم في النفط الإيراني، مما دفعه لاسترداد ما بناه البريطانيون لأنفسهم.
نتيجة لذلك تصاعدت المواجهة بين إيران وبريطانيا؛ فأعلنت بريطانيا الحصار على إيران، وعززت قواتها البحرية في الخليج العربي، وقدمت شكوى ضد إيران أمام مجلس الأمن الدولي بدعوى أن إيران انتهكت الحقوق القانونية للشركة التي تملك لندن النصيب الأكبر من أسهمها.
وفي أواخر سنة 1951م دعا مصدق إلى الانتخابات، إلا أن المخابرات البريطانية والأمريكية تدخلت في العملية الانتخابية ضد حزب مصدق، وقد أكد مصدق في بيان له أن هناك تلاعًبا انتخابيًا يديره “عملاء أجانب” فعلق بذلك الانتخابات. ولم يعترض أحدا على البيان، لذا فقد تأجلت الانتخابات إلى أجل غير مسمى؛ فقد أوقف مصدق التصويت عندما انتخب 79 نائبًا وهو يكفي لتشكيل النصاب البرلماني، ونال حزبه الجبهة الوطنية 30 من 79 نائبًا منتخبًا. وقد عقد المجلس في فبراير 1952م. وسرعان ما بدأ التوتر في المجلس بالتصاعد. حيث رفضت المعارضة المحافظة منح صلاحيات خاصة لمصدق في التعامل مع الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض الإيرادات الحاد وشكاوى الإقليمية المسموعة ضد العاصمة طهران.
وأثناء الموافقة الملكية على وزارة مصدق بتاريخ 16 يوليو 1952 أصر مصدق على حق رئيس الوزراء الدستوري في تسمية وزير الحربية ورئيس الأركان، وهو أمر كان الشاه يستخدمه حتى ذلك الوقت، فرفض الشاه ذلك، مما دفع مصدق للاستقالة وتوجه إلى الشعب قائلاً: “أن الصراع الذي بدأه الشعب الإيراني لم يمكن تتويجه بالنصر”.
فقام الشاه بتعيين “أحمد قوم” لمنصب رئيس الوزراء إيران. فأعلن يوم تعيينه عزمه على استئناف المفاوضات مع البريطانيين لإنهاء النزاع النفطي على عكس سياسة مصدق. فردت عليه الجبهة الوطنية مع مختلف الجماعات والأحزاب الوطنية والإسلامية والاشتراكية بمظاهرات حاشدة واحتجاجات واضرابات مؤيدة لمصدق. وقد اندلعت الاحتجاجات الكبرى في مدن إيران الرئيسية، مما اضطر الشاه إلى عزل أحمد قوام وإعادة تعيين مصدق مع منحه كامل الصلاحيات بالسيطرة على الجيش. واضطر البرلمان إلى منح مصدق سلطات الطوارئ بعد بروز شعبيته الجارفة في الشارع.
وقد حاول مصدق بسلطة قانون الطوارئ الممنوحة له من تعزيز مؤسسات الدولة السياسية عن طريق تقليص صلاحيات الأسرة المالكة؛ فقطع ميزانية الشاه الشخصية، ومنعه من التواصل المباشر مع الدبلوماسيين الأجانب، وطرد أخته التوأم الناشطة السياسية أشرف بهلوی، ونقل إلى الدولة أراضي العائلة المالكة.
الانقلاب على مصدق:
على الرغم من الإصلاحات التي قام بها مصدق، إلا أن الوضع الداخلي والاقتصادي ازداد سوءً بسبب المقاطعة البريطانية. وبدأ مع الوقت ائتلاف مصدق السياسي بالتفكك، وازداد أعدائه، وانسحب عدد من حلفائه -وذلك بسبب جهود بعض الإيرانيين الذين هم عملاء بريطانيون- وانقلبوا ضده. بالإضافة إلى ذلك اتفقت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية على العمل سويًا لإزاحة مصدق. وتركزت تلك المؤامرة والمعروفة باسم “عملية أجاكس” في اقناع الشاه كي يصدر مرسوم إقالة مصدق.
وقد وقع الانقلاب على مصدق يوم 19 أغسطس 1953م، حيث احتدم الصراع بين الشاه ومصدق بداية شهر أغسطس 1953، فتدهور الوضع السياسي تدهورًا لم يعرف من قبل، فوافق الشاه في النهاية على الإطاحة بمصدق، ورفض رئيس الوزراء رسميًا ذلك الأمر في مرسوم مكتوب. فالتجأ الشاه إلى “بغداد” يوم 16 أغسطس 1953م بصحبته زوجته ومرافقه الخاص بطائرته الخاصة، ثم توجه بعدها إلى إيطاليا، وقبل أن يغادر وقع قرارين: الأول يعزل مصدق والثاني يعين الجنرال فضل الله زاهدي محله، وهو استغلال لجزء من الدستور.
وبناء عليه قام زاهدي في 19 أغسطس 1953م بقصف منزل مصدق وسط مدينة طهران؛ في حين قامت الاستخبارات الأمريكية بإخراج “تظاهرات معادية” لمصدق في وسائل الإعلام الإيرانية والدولية، وبعد احتجاجات واسعة النطاق تم تدبيرها من قبل الاستخبارات الأمريكية تم اعتقال مصدق في نادي الضباط، ونقل إلى سجن عسكري.
وفي 22 أغسطس عاد الشاه من روما، سرعان ما وصلت حكومة زاهدي الجديدة إلى اتفاقًا مع شركات نفط أجنبية لتشكيل كونسورتيوم و”استعادة تدفق النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية بكميات كبيرة” وإعطاء أمريكا وبريطانيا حصة الأسد من النفط الإيراني.
أيامه الأخيرة ووفاته:
حكم نظام الشاه على الدكتور مصدق بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى سجن انفرادي لثلاث سنوات؛ ومن ثم إقامة جبرية لمدى الحياة في قرية “أحمد آباد”، الواقعة في شمالي إيران، واستمر على ذلك حتى وفاته في 5 مارس 1967م
البوم الصور
موقع اللوحة بالشارع
المصادر والمراجع
- عبد السلام عبد العزيز فهمي، تاريخ إيران السياسي في القرن العشرين، القاهرة: المطبعة النموذجية، 1973.
- هوما كاتوزيان، مصدق والصراع على السلطة في إيران، ترجمة الطيب الحصني، بيروت: جداول للنشر والتوزيع، 2013.
- وداد جابر غازي، تأميم النفط الإيراني وتداعياته على العلاقات الدولية 1951-1953، مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، الجامعة المستنصرية، (د.ت).