هي الملكة كليوباترا السابعة آخر حكام البطالمة في مصر، الذين حكموا مصر بعد تقسيم إمبراطورية الإسكندر، وكان أول حكام البطالمة “بطليموس الأول” أو “بطليموس بن لاجوس”. كما أنها تعد من أعظم ملكات مصر عبر التاريخ، ورغم أنها يونانية غير مصرية إلا أنها الوحيدة التي أخذت على عاتقها تعلم اللغة المصرية القديمة حينها، وتشبهت بالآلهة إيزيس، وادعت أنها تجسد حياتها على الأرض، حتى أنها لقبت نفسها بـ “إيزيس الجديدة”، وهو ما يعكس ذكاءها في تقمص شخصية أحد الآلهة المصرية المحبوبة عند المصريين.

مولدها ونشأتها:

ولدت كليوباترا في عام 69 ق.م، وهي ابنة بطليموس الثاني عشر. لم تكن مثلها مثل أي فتاة يونانية تحب اللهو وغيره من أمور النساء، بل اتجهت إلى دراسة الفلسفة والرياضيات بمدينة الإسكندرية التي كانت منارة العلم آنذاك، وأصبح بعض مشاهير العلماء في ذلك المعهد من أصدقاءها المخلصين.

وعندما بلغت الرابعة عشرة من عمرها، كانت لاتزال طالبة علم، وتتكلم لغات عدة، ومغرمة بالفلسفة الرياضيات والشعر. فتاة نشأت في مدينة كانت تعبد الآلهة أفروديت آلهة الحب وتناديها باسمها المصري حتحور، وكانت عبادتها تمثل اندماج العقائد المصرية القديمة والعقائد اليونانية.

كليوباترا تتولى الحكم:

عندما توفي والدها عام 51ق.م، كان قد أوصى بأن تتزوج كليوباترا من أخيها الأكبر بطليموس الثالث عشر وأن يحكما معًا، وبذلك أصبحت ملكة على مصر عام 51 ق.م، ثم بطليموس الرابع عشر، وابنها بطليموس الخامس عشر “قيصرون” ابن يوليوس قيصر.

وقد كانت كليوباترا ملكة موهوبة، فقادت الجيوش في سن الحادية والعشرين، وعملت على استرداد أمجاد أسرتها الحكمة، وتمكنت من بسط الاستقرار والسلام في البلاد أثناء فترة حكمها، وفتحت المخازن لشعبها أثناء فترة المجاعات، وأسقطت الضرائب عنهم.

دخلت في صراع مع أخيها بطليموس الثالث عشر الذي أغراه مستشاروه بإبعادها عن الحكم كي ينفرد بالسلطة، فلجأت إلى البدو في شرق مصر واستطاعت تكوين جيش منهم لتسترد سلطتها، فتصدى لها أخوها عند مدينة بور سعيد الحالية. وفي هذه الأثناء وصل القائد الروماني يوليوس قيصر إلى الإسكندرية في 2 أكتوبر 48 ق.م، فاستدعى قيصر كلًا من بطليموس وكليوباترا إلى الإسكندرية، وأعلن دعمه للملكية. أثناء ذلك الوقت، كان لشعب الإسكندرية ملكة أخرى في أذهانهم. في نوفمبر عام 48 ق.م، ومع حبس قيصر وكليوباترا في القصر الملكي، أعلن الشعب السكندري الأخت الملكية الصغرى، أرسينو الرابعة، ملكة لمصر.

أمضى كلاً من كليوباترا وقيصر شتاءً طويلًا محبوسين في قصر الإسكندرية. وانتهى الأمر عندما وصلت إليه التعزيزات الرومانية في عام 47 ق.م، فهرب أخوها بطليموس الثالث عشر، وغرق في نهر النيل، وأسرت أرسينو، وعادت كليوباترا إلى الحكم بالدعم الروماني، وتزوجت أخوها بطليموس الرابع عشر.

ثم بعد ذلك تزوجت من يوليوس قيصر وأنجبت منه ابنها بطليموس الخامس عشر الذي لقبه أهل الإسكندرية بقيصرون على سبيل التهكم والسخرية. وكانت المصالح بين قيصر وكليوباترا مشتركة، وسعى كلاً منهما إلى استخدام الآخر، حيث أمدت مصر روما بالقمح. في حين أن كليوباترا كانت عازمة على الاحتفاظ بعرشها، وإذا أمكن استعادة أمجاد البطالمة الأوائل واسترداد أكبر قدر ممكن من سطوتهم. وقد سافرت كليوباترا بعد أن وضعت ابنها قيصرون إلى روما، ومكثت هناك نحو العام.

وبعد مصرع يوليوس قيصر دخل الرومان في حرب أهلية انتهت بوصول “ماركوس أنطونيوس” إلى الحكم بمشاركة “أكتافيوس”. وتم تقسيم حكم الإمبراطورية الرومانية بينهما. وعندما قدم أنطونيوس إلى مصر وقع في حب كليوباترا وأنجب منها توأميه “ألكسندر هيلوس” ومعناه الشمس و”كليوباترا سيلين” ومعناها القمر.

وعندما تدهورت العلاقات بين أنطونيوس وأكتافيوس انضمت كليوباترا لأنطونيوس الذي دخل في صراع مع أكتافيوس، ودارت بينهما معركة “أكتيوم البحرية” ببلاد اليونان عام 31 ق.م، وكان النصر حليفًا لأكتافيوس، والذي أجبر أنطونيوس على الهروب، وعادت كليوباترا إلى الإسكندرية وبدأت في جمع قواتها، وانضم إليها أنطونيوس بعد ذلك، في محاولة يائسة للوقوف أمام أكتافيوس.

نهاية كليوباترا:

انتهى الأمر بانتحار أنطونيوس عقب فشله في حربه مع أكتافيوس، ولم تجد كليوباترا بدًا من الانتحار بلدغة ثعبان الكوبرا حتى لا تقع في الأسر في أغسطس عام 30 ق.م. حيث آثرت كليوباترا الانتحار بدلاً من أن تؤخذ كأسيرة وتعرض في روما.