هو عملاق الموسيقى الشامخ وأحد رواد الموسيقى التصويرية في السينما المصرية، وهو الفنان الذي أكد بالتطبيق العملي أن الموسيقى بشكلٍ عام والتصويرية منها بشكلٍ خاص هي لغة الأحاسيس غير المنطوقة التي تنقل إلى المُتلقي دفقة شعورية عالية تجعله يعيش وسط أجواء الحدث، وتنشأ علاقة مُتشابكة بين الصورة والجُمل الموسيقية التي تظل عالقة بذهن المُشاهد فعندما يسمعها مُنفردة يستدعى بذاكرته أحداث ولقطات الفيلم مُباشرة.

مولده ونشأته:

ولد “محمد حسن السجيعي”، وشهرته “محمد حسن الشجاعي” في 7 سبتمبر عام 1899، بقرية “أبو الغر” مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية. حيث ولد وحيدًا وتوفي والديه وهو مازال صغيرًا. حصل على دبلوم المعهد العالي الصناعي بطنطا. لكنه لم يستهوه العمل بهذا المؤهل، فقرر أن يحول هوايته مُنذ نعومة أظافره بعشق الموسيقى لتكون مهنة مفضلة ومحببة له، فبدأ حياته الموسيقية عازفًا على آلة (الترومبيت) في فرقة موسيقى الجيش، ثم انتقل بعدها لفرقة الأوركسترا الخاصة بالقصر الملكي.

بدايته الموسيقية الحقيقية:

كانت البداية الحقيقية للموسيقار حسن الشجاعي، عندما ترك فرقة الموسيقى الملكية في عام 1921، وانتقل إلى الحياة المدنية ليعمل عازفًا بالفرق الأجنبية التي كانت منتشرة بالقاهرة، والفرق الاستعراضية الوافدة على مصر في مسارح “الكورسال” و”الأوبرا”، ودرس الموسيقى علي يد الموسيقار “باخو” رئيس فرقة موسيقي الراي وقتئذ. وفي هذه الأثناء التحق بالقسم العالي بـ “معهد بوجرين للموسيقى”، حتى حصل الدبلوم العالي للتأليف الموسيقي في عام 1934. وبعدها التحق بوزارة المعارف (التربية والتعليم حاليًا)، للعمل كمدرس لمادة الموسيقى بالمعهد الصناعي بدمنهور. وفي عام 1939 عين مفتشًا للموسيقى بوزارة المعارف، ثم مفتشًا عامًا للنشاط الموسيقي بنفس الوزارة.

وعندما تم إنشاء الإذاعة المصرية في عام 1934، وتولي الموسيقي “مدحت عاصم” شئون الموسيقى بها، بدأ يبحث عن الكوادر المؤهلة التي تعاونه في إنشاء ذلك القسم، وكان أول من خطر على باله في هذا الشأن هو صديقه محمد حسن الشجاعي، فأخذ يبحث عنه وعرف أنه يعمل مدرسًا للموسيقى في مدينة دمنهور فاتصل به.

ومنذ عام 1934 بدأ الشجاعي العمل في الإذاعة بنظام الأجر مقابل العمل، وقام بتأسيس أول أوركسترا عربي كانت احدى دعامات الإذاعة المصرية عند افتتاحها، وكان يقدم من خلالها المؤلفات الموسيقية العالمية والمؤلفات الموسيقية المصرية المتطورة التي كانت تجمع بين سلاسة اللحن العربي وبين العلم والفن والأوركسترا التي كانت نواة لأوركسترا الإذاعة، وكانت تضم 65 عازفًا، التي أصبحت بعد ذلك أوركسترا القاهرة السيمفوني. وقد قام الشجاعي بقيادتها طوال الفترة منذ عام 1934 وحتى عام 1952، واستطاع أن يشق طريقه بعزم وقوة تصل إلى عازفيه، وكان أول وأكفأ مايسترو عربي في عصره يسيطر بشكل كامل على جميع عازفي الأوركسترا ليخرج منه وحدة فنية متكاملة مدركًا تمامًا وظيفة كل آلة في نسيج اللحن. وقد قدم الموسيقى على الهواء مباشرة في الإذاعة عقب صلاة الجمعة بانتظام.

ثم تولى الشجاعي الإشراف على مراقبة الموسيقى والغناء في الإذاعة عام 1952، فأنشأ فرقة ثانية للإذاعة، هي الفرقة الشرقية، وقد ضمت هذه الفرقة 35 عازفًا، وتخصصت في الألحان الشرقية.

وفي أول يوليو 1955 عين في الإذاعة المصرية مستشارًا فنيًا للموسيقى والغناء، ثم عين رئيسًا للجنة الاستماع الغنائي، فكان بمثابة صمام الأمان على الذوق المصري الذي منع أي أصوات ليست لديها الموهبة من ممارسة هذا الفن الرفيع.

اشترك الشجاعي في تأسيس “المسرح الغنائي المصري” في عصره الذهبي، إذ أعاد تسجيل أوبريتات لكل من “سيد درويش”، و”إبراهيم فوزي”، و”كامل الخلعي”، و”داود حسني” وغيرهم. كما قام بتدريس مادة التذوق الموسيقي في الجامعة الشعبية ومعهد الفنون المسرحية.

أعمال الشجاعي الموسيقية:

لقد تنوعت مواهب الشجاعي الموسيقية بين العزف وقيادة الأوركسترا والتأليف الموسيقي. فقد قام بتأليف الموسيقى التصويرية للكثير من الأفلام السينمائية منذ أن كانت صامتة، كما قام بتأليف عدد كبير من المؤلفات الموسيقية التي تجمع في مضمونها بين تاريخنا القديم وتاريخنا الحديث، نذكر منها على سبيل المثال: اخناتون، صلاح الدين، أرض الوطن، وادي الملوك.

ومن أشهر الأفلام التي وضع موسيقاها التصويرية: دنانير، عايدة، سلامة في خير، سي عمر، مصنع الزوجات، غرام وانتقام، عنتر وعبلة، روميو وجولييت.

وفاته:

توفي محمد حسن الشجاعي في 12 يونيو عام 1963، بعد أن أثرى الحياة الموسيقية المصرية بالكثير من الأعمال الرائعة.