شارع عبد العزيز جاويش
الاسم | عبد العزيز جاويش |
اسم الشهرة |
مولده ونشأته:
ولد عبد العزيز جاويش بمدينة الإسكندرية في 31 أكتوبر ١٨٧٦م، ونشأ في أسرة كريمة تعمل في التجارة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة. ولم يكن لدي جاويش ميل للتجارة، فاستجاب أبوه لميوله الأدبية، وأوفده إلى القاهرة للالتحاق بالأزهر الشريف عام 1892م. وكان الأزهر آنذاك يشهد صحوة وطنية وتنويرية على يد “الإمام محمد عبده” و”الشيخ الإنبابي”، وبعد عامين من الدراسة ترك جاويش الأزهر ليلتحق بمدرسة دار العلوم وتم قبوله ليبرز نبوغه الأدبي المبكر، فنبغ في علوم العربية، وشارك في مواقف القول ومحافل البيان خطيبًا مفوهًا وشاعرًا نبيهًا، حتى أتم دراسته في المدرسة وحصل على شهادتها في عام 1897م.
بعد تخرجه عمل مدرسًا في مدرسة الزراعة، ثم لم يلبث أن اختير للسفر إلى إنجلترا والتحق هناك بجامعة “برورود”، وتلقى هناك علوم التربية والطرق الحديثة في التدريس، وظل هناك ثلاث سنوات عاد بعدها إلى القاهرة في سنة 1901م.
مسيرته العلمية والعملية:
عمل جاويش بعد عودته من انجلترا مفتشًا في وزارة المعارف، فجعل همه الأول إصلاح حرفة التعليم التي كانت تسير على طريقة التلقين وتحفيظ الدروس واستظهارها، وأصدر في هذه المرحلة كتابيه الشهيرين “غنية المؤدبين” و”مرشد المترجم”. ويشير هذا التأليف المبكر إلى نضوج فكر جاويش الذي استمده من خبرته العملية في المجالين الذين أتقنهما من دراسته في لندن، فالكتاب الأول كتبه في أصول التربية الحديثة، والثاني في قواعد الترجمة إلى العربية، وهذان الفرعان كانا من أكثر الجوانب أهمية في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ مصر.
غير أنه لم يمكث في هذه الوظيفة سوى عام ونصف رجع بعدها إلى إنجلترا ليعمل أستاذًا للغة العربية في “جامعة أكسفورد”، وظل هناك في وظيفته خمس سنوات أتيح له خلالها التمكن من الثقافة الإنجليزية، وفهم طبيعة الإنجليز، وتعرف طرائق حياتهم. وقد توج جاويش مسيرته العلمية باختيار “جامعة كامبردج” بلندن له ليصير أستاذًا للغة العربية، بناء على توصية من المستشرق الكبير “مرجليوث”، الذي تعرف عليه أثناء دراسته في لندن. ولم تقتصر محاولاته على إصلاح التعليم في مصر وحدها بل سعى لإنشاء “الجامعة الإسلامية” بالمدينة المنورة، ووضع أساسها عام 1914م، كما أعاد إصلاح “كلية صلاح الدين” بالقدس الشريف وتولى إدارتها.
جاويش والصحافة:
تمتع جاويش بموهبة أدبية ومهارة صحفية منذ نعومة أظافره، حيث بدأ يكتب في جريدة “اللواء” حين كان طالبًا بدار العلوم، لكن الميلاد السياسي له لم يكن على أرض مصر، فقد ارتبط جاويش بالحركة الوطنية يوم أن قابله الزعيم “محمد فريد” في مؤتمر المستشرقين الذي عقد عام 1905م في الجزائر، التي كانت تحت الاحتلال الفرنسي، وقد لفت جاويش أنظار محمد فريد حين قام بالرد على محاولات بعض المستشرقين في الطعن في القرآن، في لغة بليغة وبرهان قوي، وهو ما أثار إعجاب الحاضرين، ونال تقديرهم وإجلالهم له، كما بدا تمكنه من اللغات الأجنبية وغيرته على لغة قومه ودينهم، فعرض عليه محمد فريد أن يعرفه بالزعيم “مصطفى كامل”، الذي كان في رحلة عمل بلندن فوافق جاويش وسافر على الفور وقابله، وكان هذا اللقاء فتحًا جديدًا في حياة جاويش. وحينما توفي الزعيم مصطفى كامل لم يجد محمد فريد أكفأ من جاويش ليخلف مصطفى كامل في رئاسة تحرير “اللواء”، فبدأ بذلك مرحلة جديدة من حياته صدرها بمقال تحت عنوان “دنشواي أخرى في السودان” قدم على أثرها للمحاكمة عام 1908م وحكم عليه، لكنه نال البراءة في الاستئناف. أعيد للمحاكمة في العام التالي لنشره مقالًا عن ذكرى دنشواي وحكم بحبسه ثلاثة أشهر، غير أن الشعب قدر له هذه الوطنية فقدم له وسامًا بعد الإفراج عنه.
أما المحاكمة الأكثر شهرة في التاريخ فكانت محاكمته عام 1910م بسبب اشتراكه مع محمد فريد في كتابة مقدمة لديوان “وطنيتي” للشاعر “علي الغاياتي”، وسجن ثلاثة أشهر.
نشاطه في المنفي:
بعد خروجه من السجن دبرت سلطات الاحتلال مؤامرة لنفيه، إذ كان يمثل بكتاباته مصدر إزعاج لها، فاضطر إلى الهجرة إلى تركيا في عام ١٩١٢م، وهناك أعاد إصدار مجلة “الهداية” التي كانت توقفت في مصر، لكنها توقفت نهائيًا عام 1914م. كما أنشأ صحيفة “الهلال العثماني” وجعل منها منبرًا للدفاع عن الحقوق المصرية. وتنقل جاويش ما بين ألمانيا وتركيا والشام فيما بين عامي 1915-1918م، فأنشأ مجلات أخرى تصدح بالوطنية.
عاد جاويش لتركيا مرة أخرى عام 1922م باستدعاء من “مصطفى أتاتورك”، حيث عينه رئيسًا للجنة الشئون التأليفية الإسلامية بأنقرة، إلا أنه ما لبث أن اختلف معه بسبب إجراءات إلغاء الخلافة.
جاويش وإصلاح التعليم:
عاد جاويش لمصر بعد استقلالها “الشكلي” في عام 1923م، وكتب مقالًا بعنوان “تجديد العهد” فسمحت له الحكومة المصرية بالإقامة في مصر، كما عينته الحكومة مراقبًا عامًا للتعليم الأولي بوزارة المعارف اعترافًا بمكانته التربوية. وأخذ يقود حملات للتبرع لبناء المزيد من المدارس الأولية كما عني برفع المستوي الوظيفي والثقافي للقائمين على التعليم وعمل على تغيير المناهج البالية وتحديثها.
وكان جاويش بحكم ثقافته العربية الإسلامية واتصاله بمناهج التعليم الحديثة الغربية يؤمن بأن الأمم لا تنهض إلا بالتربية والتعليم، وأن كليهما لا يغني عن الآخر؛ ولذا كان من الرواد الأوائل الذين وضعوا الكتب في مفاهيم التربية.
ولم يشغله عمله في جريرة اللواء عن الدعوة إلى إصلاح التعليم، فأنشأ المدرسة الإعدادية كنواة صالحة ينسج عليها التعليم الثانوي، وكان جاويش يقوم بالتدريس فيها بنفسه، ويفتح أبوابها في إجازات الصيف للطلاب حتى لا تضيع أوقاتهم فيما لا يفيد.
ومضى في جمع التبرعات وعمل الاكتتابات لفتح المدارس الأولية لتعليم أبناء الأمة ولإكمال النقص في عدد المدارس الحكومية التي كان الاحتلال حريصًا على أن تكون بمصروفات؛ حتى لا يقبل عليها إلا أبناء الأثرياء، ودعا إلى إنشاء مدارس رياض الأطفال، وقال بأنها هي التي تبني التعليم في مصر.
ودعا جاويش إلى إصلاح مناهج التعليم والعناية بالتربية كأساس التعليم، ورفع مستوى القائمين على العملية التعليمية والأخذ بالأساليب الحديثة في التربية، وهاجم مناهج التعليم القائمة؛ لأن الاحتلال هو الذي وضعها، وأشرف على تنفيذها، ودعا إلى التوسع في التعليم الزراعي والصناعي، وعمل على إكمال النقص في برامج مدارس بالحكومة، وحماية الطلاب من مناهج التعليم الأجنبي بإنشاء عدد من المدارس تكون تحت رعايته.
جاويش والإصلاح الاجتماعي:
دعا جاويش إلى ترابط رؤوس الأموال الصغيرة وإنشاء مصرف وطني، وكتب في محاربة الخمر كتابه “أذى الخمر ومضاره”، وارتفع صوته بضرورة العناية بالمرأة وتعليمها وإصلاح أحوالها ورفع شأنها، وعارض زواج المصريين من الأجنبيات.
وتحت عنوان “وجوب مراعاة أحوال الزمان والمكان في تطبيق أحكام الشريعة الغراء” ألقى جاويش خطبته الجامعة بمؤتمر الإصلاح العام الذي عقدته الحكومة المصرية بمصر الجديدة، كما شارك في إنشاء “جمعية الشبان المسلمين” بالقاهرة وانتخب وكيلًا لها.
وفاته:
ظل جاويش يعمل دون هوادة في مجالات الإصلاح؛ فكانت السنوات الأخيرة من حياته حافلة بشتى الأعمال التي لا تنسى له، ولم يترك قلمه ولم يتخل عن قول الحق حتى توفي في 25 يناير 1929م.
البوم الصور
موقع اللوحة بالشارع
المصادر والمراجع
- أنور الجندي، عبد العزيز جاويش من رواد التربية والصحافة والاجتماع، القاهرة: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة، 1965.
- أنور حجازي، عمالقة ورواد، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2008، ص176-178.
- كامل سلمان الجبوري، معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002،ج3، بيروت: دار الكتب العلمية، 2002، ص457-458.
- لمعي المطيعي، موسوعة هذا الرجل من مصر، القاهرة: دار الشروق، 1997، ص268-274.