شارع بن مالك

الاسم

محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني

اسم الشهرة

ابن مالك

مولده ونشأته

هو “محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني”، وينتسب إلى قبيلة عربية عريقة هي قبيلة ” طيء”، التي ترجع إلى “طيء بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان”.

ولد في مدينة «جيان الحرير» وهي بلدة من مشاهير بلاد الأندلس سنة 600 هـ/ 1203م، و بدأ دراسته في بلده بحفظ القرآن الكريم، ودراسة القراءات والنحو والفقه، ثم استكمل تعليمه على عدد من علماء الأندلس كأبي علي الشلوبين، وأخذ العربية والقراءات على ثابت بن خيار، وأحمد بن نوار، وهما من شيوخ العلم وأئمته في الأندلس.

هجرته إلى المشرق

كانت الأندلس تمر بفترة من أحرج فترات تاريخها؛ حيث تساقطت قواعدها وحواضرها في أيدي القشتاليين. وقد هاجر ابن مالك إلى المشرق الإسلامي في الفترة التي كانت تتعرَّض قواعد الأندلس لهجمات النصارى، وكان الاستيلاء على جيان مسقط رأس ابن مالك من أهداف ملك قشتالة، وكانت مدينة عظيمة حسنة التخطيط، ذات صروح شاهقة، وتتمتع بمناعة فائقة بأسوارها العالية، وقد تعرضت لحصار من النصارى سنة 627هـ/ 1230م، لكنها لم تسقط في أيديهم.

ومن المرجح أن يكون ابن مالك قد هاجر عقب فشل هذا الحصار إلى الشام، ويبدو أن رحلته كانت بين عام 625هـ، وعام 630هـ، حيث أصبح شافعيًا. وهناك استكمل دراسته، واتصل بجهابذة النحو والقراءات، فتتلمذ في دمشق على علم الدين السخاوي شيخ الإقراء في عصره، ومكرم بن محمد القرشي و”الحسن بن الصباح”، ثم اتجه إلى حلب وكانت من حواضر العلماء، ولزم الشيخ “موفق الدين بن يعيش” أحد أئمة النحو في عصره، وجالس تلميذه ابن عمرون.

وقد نبغ ابن مالك في اللغة والنحو نبوغًا عظيمًا حتى صار مضرب المثل في معرفته بدقائق النحو والصرف واللغة وأشعار العرب.

حياته العلمية وإمامته

لقد هيأت لابن مالك ثقافته الواسعة ونبوغه في العربية والقراءات أن يتصدر حلقات العلم في حلب، وأن تُشَدّ إليه الرِّحال، ويلتف حوله طلاب العلم، بعد أن صار إمامًا في القراءات وعِلَلها، متبحِّرًا في علوم العربية، متمكنًا من النحو والصرف لا يباريه فيهما أحد، حافظًا لأشعار العرب التي يُستشهد بها في اللغة والنحو.

ثم رحل إلى “حماة” تسبقه شهرته واستقر بها فترة، تصدَّر فيها دروس العربية والقراءات وفيها ألّف ألفيته المشهورة، ثم غادرها إلى القاهرة، واتصل بعلمائها وشيوخها، ثم عاد إلى دمشق مرة أخرى، حيث أقام بها يشتغل بالتدريس والتصنيف، وتكاثر عليه الطلبة وحاز قصب السبق، وصار يُضرَب به المثل في معرفة دقائق النحو وغوامض الصرف وغريب اللغات وأشعار العرب، وألّف المصنفات المفيدة في فنون العربية الذي لم يُسبَق إلى مثله.

وقام ابن مالك بالتدريس في “الجامع الأموي” و”المدرسة العادلية الكبرى” بدمشق، وقد عيّن إمامًا لها، وولي مشيختها، وكانت تشترط التمكن من القراءات وعلوم العربية. وكان أكثر ما يلقيه على تلاميذه النحو، كما كان يدرّس القراءات. وقيل: كان يخرج على باب مدرسته ويقول: هل من راغب في علم الحديث أو التفسير أو كذا أو كذا قد أخلصتها من ذمّتي؟ فإذا لم يُجَبْ قال: خرجتُ من آفة الكتمان. وقد ظل في دمشق مشتغلاً بالتدريس والتصنيف حتى توفي بها.

ومن تلاميذه الشيخ بهاء الدين بن النحاس، ونابغة الشام الإمام النووي، والعلَم الفاروقي، والشمس البعلي، والزين المزّي.

منزلته وأخلاقه

كان ابن مالك ذا عقل راجح، حسن الأخلاق، مهذبًا، ذا رزانة وحياء ووقار وصبر على المطالعة الكثيرة. ولعل أوضح أخلاق ابن مالك وأبرزها وأخادها على الزمان: الترفع والإباء والاعتداد بالنفس.

وكان كثير المطالع، سريع المراجعة، لا يكتب شيئًا من حفظه حتى يراجعه فى محله، وهذه حالة المشايخ الثقات والعلماء الأثبات، ولا يُرى إلا وهو يصلي أو يتلو أو يصنّف أو يُقرئ.

كان ابن مالك إماماً في القراءات وعللها، وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها والاطلاع على وحشيّها، وأما النحو والتصريف فكان فيهما بحراً لا يُجارى وحبرًا لا يُبارى، وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو فكانت الأئمة الأعلام يتحيرون فيه ويتعجبون من أين يأتي بها، وأما الاطلاع على الحديث، فكان فيه غاية.

وكان أكثر ما يستشهد بالقرآن، فإن لم يكن فيه شاهد عدَل إلى الحديث، وإن لم يكن فيه شيء عدل إلى أشعار العرب.

مؤلفاته

كان ابن مالك غزير الإنتاج، تواتيه موهبة عظيمة ومقدرة فذَّة على التأليف، فكتب في النحو واللغة والعروض والقراءات والحديث، واستعمل النثر في التأليف، كما استخدم الشعر في بعض مؤلفاته.

ومن أشهر كتبه في النحو: “الكافية الشافية”، وهي أرجوزة طويلة في قواعد النحو والصرف، وكتاب “تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد” جمع فيه بإيجاز قواعد النحو مع الاستقصاء؛ بحيث أصبح يُغني عن المطوَّلات في النحو، وقد عُنِي النحاة بهذا الكتاب، ووضعوا له شروحًا عديدة.

وله في اللغة: “إيجاز التصريف في علم التصريف”، و”تحفة المودود في المقصور والممدود”، و”لامية الأفعال”، و”الاعتضاد في الظاء والضاد”.

وله في الحديث كتاب “شواهد التوضيح لمشكلات الجامع الصحيح”، وهو شروح نحوية لنحو مائة حديث من صحيح البخاري.

ألفية ابن مالك

الألفية هي أشهر مؤلفات ابن مالك حتى كادت تطغى بشهرتها على سائر مؤلفاته، وقد كتب الله لها القبول والانتشار، وهي منظومة شعرية من بحر «الرجز»، تقع في نحو ألف بيت، وتتناول قواعد النحو والصرف ومسائلهما من خلال النظم بقصد تقريبهما، وتذليل مباحثهما، وقد بدأها بذكر الكلام وما يتألف منه، ثم المعرب والمبني من الكلام، ثم المبتدأ والخبر، ثم تتابعت أبواب النحو بعد ذلك، ثم تناول أبواب الصرف، وختم الألفية بفصل في الإعلال بالحذف، وفصل في الإدغام.

التزم ابن مالك في الألفية المنهج الاختياري الانتقائي، الذي يقوم على المزج بين مذاهب النحاة دون ميل أو انحياز، والتخير منها والترجيح بينها، وهو منهج التزمه في مؤلفاته كلها. كما توسَّع في الاستشهاد بالحديث النبوي، واتخذه أساسًا للتقعيد النحوي إلى جانب الاستشهاد بالقرآن الكريم بقراءاته المختلفة وأشعار العرب.

وفاته

كان ابن مالك إمامًا، زاهدًا، ورعًا، حريصًا على العلم وحفظه، وكان لا يُرى إلا وهو يصلي أو يتلو القرآن الكريم، أو يصنف أو يُقرِئ القرآن تلاميذه، وظل على هذه الحالة حتى تُوفِّي في يوم الاثنين 12 شعبان 672هـ الموافق 21 فبراير 1274م في دمشق، وصُلِّي عليه بالجامع الأموي، ودفن بسفح جبل قاسيون، وقبره بالروضة.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • أحمد محمد المقري، نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، تحقيق محيي الدين عبد الحميد، ج2، القاهرة: مطبعة السعادة، 1367هـ، ص421-433.
  • سليمان بن عبد العزيز بن عبد الله العويني، تحقيقات في ترجمة ابن مالك النحوي (ت672)، العدد2، مجلة الجمعية العلمية السعودية للغة العربية، جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية – الجمعية العلمية السعودية للغة العربية، ديسمبر 2008، ص179-256.
  • محمد كامل بركات، التعريف بابن مالك (مقدمة تحقيقه لكتاب تسهيل الفوائد)، القاهرة: دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، 1967، ص1-56.
  • مديحة محمد خليل، تعدد آراء ابن مالك في المسألة الواحدة بين كتابه سبك المنظوم وفكي المختوم ومؤلفاته الأخرى جمعًا ودراسة، العدد 6، حولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالزقازيق، 2016، ص2082-2096.