عمر مكرم

الاسم

عمر مكرم

اسم الشهرة

عمر مكرم

مولده ونشأته

ولد “عمر مكرم” في أسيوط عام 1750م. تلقى تعليمه في كتاب القرية، ثم انتقل إلى القاهرة للدراسة في الأزهر الشريف، وانتهى من دراسته وحصل على الإجازة منه.

مكانته ونضاله

كان السيد عمر مكرم يتمتع بمكانة عالية عند العامة والخاصة، وتولى نقابة الأشراف في مصر عام 1793م، في فترة حرجة من تاريخ مصر تمثلت في الصراعات العسكرية بين الفرق العسكرية العثمانية والبكوات المماليك.

ظهر كقائد شعبي عندما قاد حركة شعبية ضد ظلم الحاكمين المملوكيين “إبراهيم بك” و”مراد بك” عام 1795م، وطالب برفع الضرائب عن كاهل الفقراء وإقامة العدل في الرعية.

لقد تميزت حياته بالجهاد المستمر ضد الاحتلال الأجنبي، والنضال ضد استبداد الولاة وظلمهم. فعندما تعرضت مصر لأول هجوم استعماري في التاريخ الحديث؛ والذي تمثل في الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، قام السيد عمر مكرم بتعبئة الجماهير للمشاركة في القتال إلى جانب الجيش النظامي “جيش المماليك في ذلك الوقت”.

وعندما سقطت القاهرة في أيدي الفرنسيين، عرض عليه الفرنسيون عضوية الديوان الأول إلا أنه رفض ذلك، بل فضل الهروب من مصر كلها حتى لا يظل تحت رحمة الفرنسيين.

لم يلبث أن عاد السيد عمر مكرم إلى القاهرة وتظاهر بالاعتزال في بيته ولكنه كان يعد العدة مع عدد من علماء الأزهر وزعماء الشعب لثورة كبرى ضد الاحتلال الفرنسي تلك الثورة التي اندلعت في عام 1800م، فيما يعرف بـ”ثورة القاهرة الثانية”، فكان من زعماء تلك الثورة، فلما خمدت الثورة أضطر إلى الهروب مرة أخري خارج مصر حتى لا يقع في قبضة الفرنسيين الذين عرفوا أنه أحد زعماء الثورة وقاموا بمصادرة أملاكه بعد أن أفلت هو من أيديهم، وظل السيد عمر مكرم خارج مصر حتى رحيل الحملة الفرنسية سنة 1801م.

وفي إطار نضال السيد عمر مكرم ضد الاستبداد والمظالم، نجد أنه قاد النضال الشعبي ضد مظالم الأمراء المماليك عام 1804م، وكذا ضد مظالم الوالي “خورشيد باشا” سنة 1805، ففي يوم 2 مايو سنة 1805م بدأت تلك الثورة، حيث عمت الثورة أنحاء القاهرة وأجتمع العلماء بالأزهـر وأضربوا عن إلقاء الدروس وأقفلت دكاكين المدينة وأسواقها، واحتشدت الجماهير في الشوارع والميادين يضجون ويصخبون، وبدأت المفاوضات مع الوالي للرجوع عن تصرفاته الظالمة فيما يخص الضرائب ومعاملة الأهالي، ولكن هذه المفاوضات فشلت، فطالبت الجماهير بخلع الوالي، وقام السيد عمر مكرم وعدد من زعماء الشعب برفع الأمر إلى المحكمة الكبرى وسلم الزعماء صورة من مظالمهم إلى المحكمة؛ وهي ألا تفرض ضريبة على المدينة إلا إذا أقرها العلماء والأعيان، وأن يجلو الجند عن القاهرة وألا يسمح بدخول أي جندي إلى المدينة حامـلًا سلاحه.

وفي يوم 13 مايو 1805 قام السيد عمر مكرم على رأس مجموعة كبيرة من رجال الدين وزعماء الشعب المصري بالاجتماع في دار المحكمة، وقرروا عزل خورشيد باشا وتعيين “محمد علي” بدلًا منه بعد أن أخذوا عليه شرطًا، هو: “بأن يسير بالعدل ويقيم الأحكام والشرائع، ويقلع عن المظالم وإلا يفعل أمرًا إلا بمشورة العلماء وأنه متي خالف الشروط عزلوه”. وفي يوم 16 مايو 1805 صدرت فتاوى شرعية من المحكمة على صورة سؤال وجوابه بشرعية عزل الوالي خورشيد باشا، وانتهي الأمر بعزل الوالي خورشيد باشا، ونجاح الثورة الشعبيـة.

تولى محمد علي حكم مصر بتأييد الزعامة الشعبية التي قادها السيد عمر مكرم وفق مبادئ معينة في إقامة العدل والرفق بالرعية، وكان من نتيجة ذلك أن تحملت الزعامة المسئوليات والأخطار التي واجهت نظام محمد علي الوليد، ومنها أزمة الفرمان السلطاني بنقله إلى ولاية “سالونيك”، والحملة الإنجليزية على مصر “حماة فريزر سنة 1807م، وإجهاض الحركة المملوكية للسيطرة على الحكم في مصر؛ ففي هذه الأزمات الثلاث الكبرى كانت زعامة عمر مكرم تترسخ في وجدان المصريين؛ إذ رفض مساندة المماليك في تأليب الشعب ضد محمد علي، ورفض فرمانات السلطان العثماني بنقل محمد علي إلى سالونيك فاحتمى محمد علي به من سطوة العثمانيين.

وفي حملة فريزر عام 1807 قام السيد عمر مكرم بتحصين القاهرة، واستنفر الناس للجهاد، وكانت الكتب والرسائل تصدر منه وتأتي إليه، أما محمد علي فكان في الصعيد يقوم بمطاردة المماليك. فقاد السيد عمر مكرم المقاومة الشعبية ضد الحملة، حتى نجحت تلك المقاومة في هزيمة فريزر في مدينتي “الحماد” و”رشيد”؛ مما أضطر فريزر إلى الجلاء عن مصر.

القضاء على الزعامة الشعبية ونفي عمر مكرم

أدرك محمد علي أن عمر مكرم خطر عليه أمام أحلامه في الانفراد بحكم مصر؛ فمن استطاع أن يرفعه إلى مصاف الحكام يستطيع أن يقصيه، ومن ثم أدرك أنه لكي يستطيع تثبيت دعائم ملكه وتجميع خيوط القوة في يده لا بد له أن يقوض الأسس التي يستند عليها عمر مكرم في زعامته الشعبية، فالتقت إرادة محمد علي في هدم الزعامة الشعبية مع أحقاد بعض المشايخ والعلماء على عمر مكرم، وتنافسهم على الاقتراب من السلطة، في هدم هذه الزعامة الكبيرة، وتزامن ذلك مع انقسام علماء الأزهر حول مسألة من يتولى الإشراف على أوقاف الأزهر بين مؤيدي الشيخ “عبد الله الشرقاوي” ومؤيدي الشيخ “محمد الأمير”. ولم تفلح محاولات رأب الصدع بين العلماء؛ فتدهورت قيمتهم ومكانتهم عند الشعب، واستشرى الفساد بينهم.

وفي شهر يونيو 1809، فرض محمد علي ضرائب جديدة على الشعب، فهاج الناس ولجأوا إلى عمر مكرم الذي وقف إلى جوار الشعب وتوعد بتحريك الشعب إلى ثورة عارمة ونقل الوشاة الأمر إلى محمد علي. استغل محمد علي محاولة عدد من المشايخ والعلماء للتقرب منه وغيرة بعض الأعيان من منزلة عمر مكرم بين الشعب، فاستمالهم محمد علي بالمال ليوقعا بعمر مكرم. وكان محمد علي قد أعد حسابًا ليرسله إلى الدولة العثمانية يشتمل على أوجه الصرف، ويثبت أنه صرف مبالغ معينة جباها من البلاد بناء علي أوامر قديمة وأراد يبرهن على صدق رسالته، فطلب من زعماء المصريين أن يوقعوا على ذلك الحساب كشهادة منهم على صدق ما جاء به. إلا أن عمر مكرم امتنع عن التوقيع وشكك في محتوياته.

فأرسل يستدعي عمر مكرم إلى مقابلته، فامتنع عمر مكرم، قائلًا: “إن كان ولا بد، فاجتمع به في بيت السادات”. وجد محمد علي في ذلك إهانة له، فجمع جمعًا من العلماء والزعماء، وأعلن خلع عمر مكرم من نقابة الأشراف وتعيين الشيخ السادات، معللاً السبب أنه أدخل في دفتر الأشراف بعض الأقباط واليهود نظير بعض المال، وأنه كان متواطئًا مع المماليك حين هاجموا القاهرة يوم وفاء النيل عام 1805، ثم أمر بنفيه من القاهرة إلى دمياط في 9 أغسطس 1809.

استمر عمر مكرم في منفاه ما يقرب من 10 سنوات، ثم أصدر محمد علي قرارًا بعودته إلى القاهرة، وعندما حضر إلى القاهرة في 9 من يناير 1819 ابتهج الشعب به ولم ينس زعامته له، وتقاطرت الوفود عليه. أما الرجل فكانت السنون قد نالت منه؛ فآثر الابتعاد عن الحياة العامة، ورغم ذلك كان وجوده مؤرقًا لمحمد علي؛ فعندما انتفض أهالي القاهرة في مارس 1822 ضد الضرائب الباهظة نفاه محمد علي ثانية إلى خارج القاهرة؛ خوفًا من أن تكون روحه الأبية وراء هذه الانتفاضة.

وفاته

بعد أن تم نفي عمر مكرم للمرة الثانية توفي في نفس العام الذي نفي فيه وهو عام1822، بعد حياة حافلة بالجهاد والنضال من أجل وطنه.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • أبو الهيثم محمد درويش، عمر مكرم العالم المناضل، موقع طريق الإسلام، 18 يونيو 2008، اطلع عليه بتاريخ 13 يناير 2025، رابط الإتاحة: http://iswy.co/e49a7
  • عبد الرحمن الرافعي، عصر محمد علي، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2000، ص85-105.
  • عبد العزيز محمد الشناوي، عمر مكرم بطل المقاومة الشعبية، سلسلة أعلام العرب، القاهرة: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1967.