مصطفى صبري

الاسم

مصطفى صبري التوقادي

اسم الشهرة

الشيخ مصطفى صبري

مولده ونشأته

هو “مصطفى صبري التوقادي”، ولد في عام 1869 في مدينة “توقاد” الواقعة في قلب الأناضول، وفيها حفظ القرآن الكريم وهو ابن عشر سنين، وتلقى مبادئ العلوم الشرعية من شيوخها، ثم انتقل إلى مدينة “قيصرية”، التي كانت واحدة من أهم المراكز العلمية، فاستزاد من شيوخها المبرزين وحصّل منهم الكثير من علوم الدين والعربية والعلوم العقلية. ثم انتقل إلى “جامع السلطان محمد الفاتح” بإستانبول، الذي كان يعد في ذلك الحين أكبر جامعة إسلامية في السلطنة العثمانية، لمتابعة تحصيل العلم، وقد حصل فيه على الإجازة.

وظائفه

لقد كان الشيخ مصطفى صبري متفوقًا جدًا، لذلك أجيز للتدريس في جامع السلطان محمد الفاتح بعد امتحان صارم وهو لما يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، وكان أصغر مَنْ درَّس فيه سنًا عام 1890، ومن هناك ذاع صيته ولمع نجمه فأخذ يترقى في المراتب السلطانية، إذ عيَّنه “السلطان عبد الحميد” عضوًا في درسه السلطاني الخاص في عام 1898، ثم مديرًا للقلم السلطاني، وعضوًا في لجنة تدقيق المؤلفات الشرعية، وأمينًا لمكتبة “قصر يلدز”، وفيها أكب يقرأ ويطلع على ما لا يحصى من نفائس كتب التراث ومخطوطاته.

نشاطه السياسي

استقال مصطفى صبري في عام 1904 من بعض وظائفه وعاد إلى التدريس، إلى أن بدأ نشاطه السياسي بعد إعلان الدستور عام 1908 إذ نجح في دخول البرلمان (مجلس المبعوثان) نائبًا عن دائرته توقاد، وشغل منصبًا مرموقًا في “حزب الائتلاف والحرية” ذي الجمهور العريض، الذي واجه سياسة “جمعية الاتحاد والترقي” ذات النزعة القومية الحادة، فقام مصطفى صبري بفضح خفايا الاتحاديين وصلاتهم باليهود والماسونية بخطبه الملتهبة في المجامع، وبمقالاته اللاذعة في مجلة بيان الحق التي رأس تحريرها، وكان الاتحاديون قد أخذوا يشددون حملتهم على خصومهم وعلى رأسهم الشيخ مصطفى صبري، ففر من اضطهادهم عام 1913 إلى مصر، ثم أوروبا متنقلاً بين عدد من بلدانها حتى عاد إلى الآستانة مقبوضًا عليه عند دخول الجيوش التركية إلى بوخارست في الحرب العالمية الأولى؛ حيث كان يقيم لاجئًا إليها وقئذاك، وقد ظل معتقلاً إلى أن انتهت الحرب بهزيمة تركيا في عام 1918 وفرار زعماء الاتحاديين، فعاد إلى نشاطه السياسي في الآستانة.

وفي عام 1919 عُين الشيخ مصطفى صبري شيخًا للإسلام في الدولة العثمانية ومفتيًا عامًا لها، وعضوًا مدى الحياة في مجلس الأعيان العثماني (مجلس الشيوخ)، وعضوًا في “دار الحكمة الإسلامية” أكبر مجمع علمي إسلامي آنذاك، كما تولى منصب الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) بالوكالة نيابة عن رئيس الوزراء “الداماد فريد باشا” أثناء مشاركته بأعمال مؤتمر الصلح في فرساي، ثم أعفي من مناصبه عدا مجلس الشيوخ قبيل استيلاء الكماليين على مقاليد الحكم وإلغاء نظام السلطنة عام 1922 حيث قرر الشيخ مغادرة الوطن، فتوجه إلى مصر، ثم رحل إلى الحجاز بدعوة من “الشريف حسين”، لكن لم تطب له الإقامة بسبب حرارة الإقليم، فعاد إلى مصر ثم لبنان فرومانيا، ثم اليونان حيث أصدر فيها لمدة خمس سنوات مجلة باللغة التركية اسمها (الغد) تفضح سياسات الكماليين بشدة لدرجة أنهم طالبوا اليونان بتسليمه لهم، فلجأ إلى مصر عام 1932 واستقر بها، واتخذها وطنًا ثانيًا له حتى وفاته.

علمه وخلقه

كان الشيخ مصطفى صبري حافظًا للقرآن الكريم، محيطًا بالسنَّة النبوية، فاهمًا لعقيدته الإسلامية حق الفهم، فقيهًا عالمًا بأصول الفقه، واثقًا بنفسه، معتزًّا بإسلامه وأمته وحضارته، محيطًا بما يدور في عصره، سواء في بلاد المسلمين أو العالم الخارجي.

لذلك تمكن من وضع يده على مكامن الانحراف في عقائد معاصريه من العلماء، ولم تُرهبه أسماؤهم ولا مراكزهم الوظيفية؛ لإحساسه بثقل المسؤولية على كاهله، ولا سيما أنه كان شيخ الإسلام في الخلافة العثمانية، وهو مركز علمي مؤثِّر، كان له النفوذ الواسع أيام أمجاد الخلافة.

كما نظر إلى حضارة الغرب نظر المعتز بإسلامه، الفَخور بتاريخ الحضارة الإسلامية ومكانة الشريعة الإسلامية التي تعلو على سائر الشرائع. لهذا؛ كان يتعجب مِن المفتونين بكل ما يَرِد مِن الغرب الزاحف على المسلمين عسكريًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا، ويطالبهم بالتخلص من هذا المرض النفسي، ولا يرى سببًا للتخاذل أمام دول تزعم التحضُّر، وهي في الحقيقة طامعة حاقدة تفهَم العدل بمقياسَين؛ أحدهما لمُواطنيها، والآخَر للتعامل مع الدول المغلوبة.

وبلغت محنة الشيخ مصطفى صبري ذروتها عندما كان يقرأ ويسمع ويشاهد “الازدواجية” بين الحقيقة والواقع، وبين البيانات المزوَّرة المُعلَنة للجماهير المسوقة بعواطفها وراء حملة أقلام غير أمناء.

أعماله ومؤلفاته

تنوعت اهتمامات مصطفى صبري العلمية فألف العديد من الكتب والمقالات المتخصصة باللغتين العربية والعثمانية (اللغة التركية القديمة)، وكانت معظم مؤلفاته تحمل صبغة الدفاع عن الدين، كما كان في كتاباتهِ مناهضًا للمبادئ القومية التي تسعى لاستبدال فكرة الجامعة الإسلامية التي كانت توحد المسلمين تحت راية” الخلافة الإسلامية”. ومن أهم مؤلفاته:

النكير على منكري النعمة، من الدين والخلافة والأمة.

  • قولي في المرأة ومقارنته بأقوال مقلدة الغرب.
  • مسألة ترجمة القرآن.
  • موقف البشر تحت سلطان القدر.
  • موقف العقل والعلم والعالَم من رب العالمين وعباده المرسلين، وهو آخر كتبه تأليفًا، وأشهرها ذيوعًا، ويعتبر أهم وأعظم ما ألفه، وقد صدر بأجزائه الأربعة تباعًا، وبلغ ما يقرب من ألفي صفحة، فختم به مسيرة حياته.

وفاته

رحل الشيخ مصطفى صبري إلى جوار ربه في 2 مارس 1954، إثر معاناته من مرض أصابه، وشيعته جماهير من العلماء وطلبة العلم وأصدقائه ومحبيه وبني وطنه، ودفن في الدرّاسة بالقاهرة.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • حسن السماحي سويدان، شيخ الإسلام مصطفى صبري التوقادي، إسلام ويب، 29 يونيو 2006، اطلع عليه بتاريخ 13 يناير 2025، رابط الإتاحة: https://islamonline.net/%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89-%D8%B5%D8%A8%D8%B1%D9%8A/
  • خير الدين الزركلي، الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، ج7، بيروت: دار العلم للملايين، 2002، ص236.
  • سلطان عبد الحميد الخليفي، مصطفى صبري شيخ الإسلام الذي رد على فلاسفة أوروبا، موقع الجزيرة، 1 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 13 يناير 2025، رابط الإتاحة: https://www.ajnet.me/blogs/2021/3/1/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89-%D8%B5%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D8%B1%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89
  • مصطفى حلمي، الشيخ مصطفى صبري: حياته وعصره، الألوكة الثقافية، 13 أبريل 2014، اطلع عليه التاريخ 13 يناير 2025، رابط الإتاحة: https://www.alukah.net/culture/0/52962/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89-%D8%B5%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%87-%D9%88%D8%B9%D8%B5%D8%B1%D9%87/
  • مفرح بن سليمان القوسي، الشيخ مصطفى صبري وموقفه من الفكر الوافد، الرياض: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 1997.