شارع ابو حيان التوحيدي

الاسم

علي بن محمد بن العباس التوحيدي البغدادي

اسم الشهرة

أبو حيان التوحيدي

مولده ونشأته

هو “علي بن محمد بن العباس التوحيدي البغدادي”، ولد في مدينة بغداد عام 922م، وقد غلبت كنيته اسمه فاشتهر بـ”أبو حيان التوحيدي”، وأما سبب نسبته إلى التوحيد؛ فيرجع البعض ذلك إلى أن أباه كان يبيع نوعًا من التمر في العراق، يقال له تمر التوحيد. نشأ أبو حيان يتيمًا بعد أن توفي والده، وانتقل ليرعاه عمه الذي كان يقسو عليه ويعنفه دومًا، وعمل في الوِراقة إلى أن اشتد عوده، حيث كان ينسخ الكتب ويبيعها للقراء حتى احترف هذه المهنة، وباتت رافدًا أساسيًا له في حياته، وأضافت له الكثير من المعارف، والثقافة الموسوعية، وجعلته واسع الاطلاع على النتاج المعرفي لعصره، وللعصور التي سبقته.

أخذ أبو حيان علمه بعدة طرق ساهمت في تراكم خبراته ومعارفه، وذلك بالسؤال، والمشافهة، ونزوله للبادية، فأخذ الفلسفة عن مدرسة الاسكندرية، ولازم كبار علماء عصره؛ ليتعلم النحو، والأدب، والعلوم الشرعية، وقد حاول أن يسير على خطى الجاحظ في الأسلوب التعبيري، وتعلم أيضًا من الثقافة اليونانية، فكان يقرأ كتبهم من بعد ترجمتها للعربية، وكان يرى أن الفن من أهم خصائص الإنسان المفكر؛ إذ إن الفنان يحاكي الطبيعة التي خلقها الله وأبدعها أيما إبداع، والفن يعبر عن مكنون مشاعر الإنسان، وأفكاره، ورغباته، وهو بذلك يكون قد ترجم ما بداخل الفنان من أحاسيس، وانفعالات.

شخصية أبو حيان التوحيدي

يعتبر أبو حيان التوحيدي واحداً من الفلاسفة العباقرة، ذا فكر موسوعي وثقافة عميقة، كان عبقرياً فذاً، صاحب فكر عميق، لكن كان ذلك سبباً في ألمه العميق، الذي نتج عن حساسيته الشديدة، وخذلان الاشخاص الذين وثق بهم، ووشاية الاشخاص الذين عمل معهم، ولذلك أصبح شخصًا غاضبًا في عصره، ناقمًا على الحياة، ساخطًا على الأحياء. ثورة شبت في كيانه وتفجرت في كل البلاد التي ارتحل اليها، هي ثورة تمرد على واقع فاسد يعلو فيه المنافق ويتوارى الشريف العبقري الذي لايملك سوى أدبه وعلمه.

اتخذ التوحيدي الأدب سببًا من أسباب الرزق، وسبيلاً من سبل الثراء. ولكنه لم يحقق ما كان يصبو إليه. فقد واجه البخلاء والمنافقين والحاسدين وذم أخلاقهم وحياتهم، لذلك لم يجد من يقف بجواره أو يناصره. وظل وحيدًا، منبوذًا، يعاني الفقر والحاجة، ويبعث بشكواه إلى كل مكان، صابًا سيول غضبه على الناس والأمراء والعالم من حوله. وأصيب في أواخر حياته بالكآبة الشديدة، حيث كان مكتئبًا، منخفض المزاج، ويعاني من صعوبة في التركيز، والحزن الشديد وتكالب الهموم، الذي يغلفه القلق وتسلط الافكار، خصوصًا تلك المتعلقة بيأس الكهولة أو سوداء اليأس حيث تقوى عند هؤلاء المصابين بهذا المرض، خاصة الرغبة الملحة في الانتحار.

وصفه “ياقوت الحموي” في كتابه” معجم الأدباء” بأنه: “متفننًا في جميع أنواع العلوم من النحو واللغة والشعر والأدب والفقه والكلام على رأي المعتزلة، وكان جاحظيًا يسلك في تصانيفه مسلكه ويشتهي أن ينتظم في سلكه، فهو شيخ في الصوفية، وفيلسوف في الأدباء وأديب في الفلاسفة، ومحقق الكلام ومتكلم المحققين، وإمام البلغاء، وعمدة لبني ساسان، سخيف اللسان، قليل الرضا عند الإساءة إليه والإحسان، والذم شأنه، والثلب دكانه، وهو مع ذلك فرد الدنيا الذي لانظير له ذكاء وفطنة، وفصاحة ومكنة، كثير التحصيل للعلوم في كل فن حفظه، واسع الدراية والرواية، وكان مع ذلك محدودًا محارقًا يتشكى زمانه، ويبكي في تصانيفه على حرمانه”.

مؤلفاته

قام أبو حيان التوحيدي بتأليف العديد من المصنفات والكتب، منها ما وصل إلينا وتم نشره بعد طباعته، ومنها ما لم يطبع ولم يصل إلينا، والكتب التي تم نشرها هي:

  • كتاب الإمتاع والمؤانسة، وهو من أمتع وأنفع كتب التوحيدي، ويعد من المصادر الثمينة التي ساهمت في الاطلاع على البيئة الاجتماعية، والبيئة الثقافية، والبيئة الفكرية التي كانت سائدة في عصره.
  • كتاب البصائر والذخائر، وفيه مجموعة من الحكم، والنوادر، والشعر، والتاريخ، واللغة، والتصوف، كان قد جمعها التوحيدي مما قرأ وسمع، في خمسة عشر عاماً.
  • كتاب المقابسات، يحتوي هذا الكتاب على أكثر من مئة اقتباس من الحوارات التي عايشها التوحيدي بين العلماء، في موضوعات شتى، وقد غلبت فيه الصياغة الأدبية الرفيعة.
  • كتاب الهوامل والشوامل، وهو يتيح لك الاطلاع على المسائل التي شغلت عصر التوحيدي؛ حيث احتوى على عدد من الأسئلة في مجالات الأدب، واللغة، والفلسفة، وقضايا المجتمع النفسية، والأخلاقية، والمعرفية، والاجتماعية.
  • كتاب أخلاق الوزيرين، وقد ألف هذا الكتاب على إثر خصومة له مع الوزيرين: ابن العميد، والصاحب بن عباد؛ حيث أخذ يصف فيه حال الوزيرين ويهجوهما، حتى عُدَّ هذا الكتاب من أشهر ما قالت العرب في الهجاء.
  • كتاب الإشارات الإلهية والأنفاس الروحانية، تضمنت صفحات هذا الكتاب خلاصة تجربة أبي حيان التوحيدي في الورع والتصوف، واحتوى على الترميز في تعابيره، بالإضافة إلى الكثير من الإشارات الدلالية، وهو كتاب يعد من أبرز كتب التصوف والأدب.

وله أيضًا بعض الكتب والرسائل، ومن أهمها: الصداقة والصديق، ورسالة في علم الكتابة، ورسالة الحياة.

وفاته

لقد عبر التوحيدي في كتبه عما يعانيه من كدر، وما يجرَح فؤاده من حرمان ويأس، فكان يعتصر ألمًا وحزنًا من شدة الفقر، وضيق العيش، وقسوة الناس ومجافاتهم له ولعلمه الذي دوَّنه في كتبه، إلا أنه لم يستمع لشكواه أحد، ولم يكترث لحاله قريب ولا بعيد، وشعر بأنه أحرق نفسه، وأحرق حياته في كل شيء! فما كان منه إلا أنه قام بإحراق كتبه، ووقف ينظر إلى دخان الحريق الذي يلتهم كتبه. وأخيرًا أقدم على قتل نفسه أو الانتحار كما يذكر المؤرخون في عام 1023م، وبذلك انتهت حياة واحد من أكثر المفكرين والفلاسفة المسلمين إثارة للجدل، إلا أن ذكراه لازالت حاضرة إلى اليوم من خلال علمه وكتبه.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • إحسان عباس، أبو حيان التوحيدي، الخرطوم: مطبعة جامعة الخرطوم، 1980.
  • خير الدين الزركلي، الأعلام، ج4، بيروت: دار العلم للملايين، 1980، ص464.
  • زكريا إبراهيم، أبو حيان التوحيدي: أديب الفلاسفة وفيلسوف الأدباء، سلسلة أعلام العرب (35)، القاهرة: الدار المصرية للتأليف والترجمة.
  • عبد الرزاق محيي الدين، أبو حيان التوحيدي: سيرته- آثاره، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1979.
  • ياقوت الحموي، معجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، ج5، تحقيق إحسان عباس، بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1993، ص1924-1946.