شارع الجاحظ

الاسم

أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي

اسم الشهرة

الجاحظ

مولده ونشأته

هو “أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي”، ولد في “البصرة”، وسُمّي بـ”الجاحظ” لجحوظ عينيه، وقد نشأ يتيمًا فقيرًا، فكان يبيع السمك والخبز طوال النهار. بدأ طلب العلم في سن مبكرة، فحفظ القرآن وتعلم مبادئ اللغة على شيوخ بلده.

نشأ الجاحظ في عصر ازدهرت فيه كافة العلوم العربية والإسلامية، حيث حازت اللغة العربية مكانة رفيعة، ونشطت حركات الترجمة والنقل عن الأجانب، كما انتشر في ذلك العصر الأسواق الأدبية، حيث تقام حلقات الشعر ويعرض فيها كل جديد في اللغة والأدب، لذلك أحب العلم واللغة والأدب فتعلم على أيدي العلماء البصريين وكان واسع الثقافة والعلم، فجمع مختلف ضروب الثقافة والعلم في زمانه كما عمل جمالاً عند عمرو بن قلع الكناني، كان الجاحظ ذكياً جداً وصبوراً على طلب العلم، وقد تتلمذ على أيدي فحول العلم والأدب حينذاك، فقد أخذ اللغة والأدب عن الأصمعي، وأبي عبيدة، وأبي يزيد الأنصاري، والنحو عن الأخفش، والحديث عن حجاج بن محمد، وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة، ثمّ تثقف ثقافة الاعتزال وكان أهم أستاذ له في ذلك النظّام، فكان المعتزلة يهتمون بالاطلاع على الديانات الأخرى ومعرفتها جيداً لأنّهم جعلوا من أنفسهم دعاةً للإسلام، وكانوا يعتقدون أن عليهم أن يكونوا على معرفة تامة بدينهم وبالديانات الأخرى، فدرسوا الفلسفة اليونانية لأن أعدائهم كانوا قد اتخذوها وسيلةً للدعوة إلى دينهم، لذا درسوا ثقافة أرسطو وما فيها عن علم الحيوان، وصبغوها بطابعهم الديني.

كان الجاحظ شديد الولع بالقراءة والمطالعة، حتى أنه كان يستأجر دكاكين الوراقين ويبيت فيها للقراءة والدراسة، وقد اندمج في الحياة الواقعيّة واستفاد منها، وتنوّعت المواضيع التي درسها وكتب فيها، ومنها الحيوانات والنباتات، وقد كان لاندماج الجاحظ في المجتمع واختلاطه بكافة فئاته ومجالسته للأدباء والشعراء والملوك والأمراء الأثر الواضح في تنمية معرفته وزيادة تجاربه.

علمه وثقافته

كان الجاحظ في بداياته يعيش حياةً بسيطة، فقد نشأ في طبقةٍ اجتماعيةٍ فقيرةٍ مكتسبًا قوته من عمل يديه، ورغم ذلك فهو لم يترك العلم والمطالعة، فكان يعمل ويتعلم في آنٍ واحد، وكان يحضر الدروس في المسجد، ثم اتصل بالشيوخ والأئمة آنذاك وأخذ عنهم كما سبق الذكر، كما خالط أعلام الترجمة والكتابة وقرأ ما تيسر له من الكتب المترجمة أيام المنصور والرشيد والبرامكة والمأمون، ومن الجدير بالذكر أن المكتبات العامة لم تكن متوفرة في تلك الفترة أي في أواخر القرن الثاني للهجرة، كما كانت الكتب نادرة وغالية جداً، فلم تكن إمكانيات الجاحظ المادية تسمح له بشرائها، لذا كان يحصل عليها عن طريق أساتذته وأصدقائه الذين كانوا يضعون مكتباتهم تحت تصرفه.

اشتملت ثقافة الجاحظ على كافة العلوم المعروفة في عصره، فدرس المنطق والفلسفة والرياضيات والطبيعيات والسياسة والأخلاق والفراسة، وقد أبدع فيها جميعها، وتكونت لديه ثقافة متنوعةٍ وغزيرةٍ، وحين ذاك انتقل إلى بغداد ليزيد من معرفته واطلاعه، ثم اتصل فيها بالكبار من رجال الدين وعلماء اللغة.

اعتبر الجاحظ من أغزر المؤلفين إنتاجًا، فكتب عن الأدب والشعر والديانات والعقائد، والإمامة والنبوة، والمذاهب الفلسفية، وبحث في السياسة والاقتصاد والأخلاق وطبائع الأشياء، وتكلم عن العصبية وتأثير البيئة، ونظر في العلوم التاريخية، والجغرافية والطبيعة، فكتب في المدن والأمصار والمعادن وجواهر الأرض، والكيمياء والنبات والحيوان، والطب والفلك، والموسيقى والغناء وكتب في الجواري والغلمان، والعشق والنساء، والنرد والشطرنج، وغير ذلك مما يتناول الحياة الاجتماعية والأدبية والعلمية في عصره وقبل عصره.

أسلوب الجاحظ اللغوي والأدبي

اشتُهر الجاحظ بأسلوبه الإنشائي الذي لا يوجد من كتّاب العربية من يتفوق عليه فيه، فهو في النثر كالبحتري في الشعر، فامتاز أسلوبه الإنشائي برقي الألفاظ والجمل، والسهولة والوضوح، وسحر البيان، كما تظهر شخصية الجاحظ بقوة في كتاباته، كما يكثر فيه أيضاً من الاستطراد حتى يخرج بالقارئ عن الموضوع الرئيسي ليتناول موضوعاً غيره ثم يعود للموضوع الأول، وهذا يدل على غزارة مادته وطاعة الألفاظ له وكثرة المران على الجدل، فلم يترك الجاحظ موضوعاً من مواضيع الحياة إلا وكتب فيه، فقد كتب في التوحيد والقرآن ومذاهب الفِرَق الإسلامية، وكتب في الأدب وفنونه شعرًا ونثرًا، وجدًّا وهزلًا، وكتب في الأخلاق والاجتماع وطبائع الناس، ولم يَفُتْهُ أن يكتب في الطب والكيمياء، وأبدع في دقة التصوير وحكاية الواقع ووصف الحديث، ثم إن أدب الجاحظ واقعي صريح يصور الحقيقة كما هي، ويرى في ذلك السبيل الأقوم فيدعو إليه ويعيب من يرغب عنه. امتاز أسلوب الجاحظ أيضاً بالسخرية والنظر الثاقب، وخصوبة الخيال، وخلط الجد بالهزل، ويعتبر الجاحظ هو مبتكر هذا الأسلوب، وهو يرى أن المزاح شعبة من شعب السهولة.

بالإضافة إلى ذلك كان الجاحظ شاعرًا وناقدًا في الشعر، فكان يرى أن الشعر يقوم على أربعة أركان؛ الصبغة، والصياغة اللفظية، والوزن، والتصوير.

مؤلفاته

كتب الجاحظ في كافة العلوم وفنون الأدب المعروفة في زمانه، كما أن كتبه تجمع بين العلم والفائدة والبراعة في التعبير وسحر البلاغة في الأسلوب، كما يجد القارئ متعة في قراءتها لما فيها من تشويق ونوادر وسخرية، ويقال إن الجاحظ هو أول من بدأ التأليف في الأدب وعلى نهجه سار الأدباء والمؤلفون، كما تعتبر مؤلفات الجاحظ التي تعد بالمئات مراجع مهمة فلولاها لاندثر الكثير من أدب العرب، وقد ورد في مقدمة كتاب التاج أن الجاحظ ترك نحوًا من ثلاثمائة وستين مؤلَّفًا رآها سبط ابن الجوزي كلها تقريبًا في مشهد أبي حنيفة النعمان ببغداد، أما أبرز مؤلفات الجاحظ فهي كالآتي:

  • الحيوان: هو أول كتاب جامعٍ وضع في علم الحيوان والذي يتكون من سبعة أجزاء ويبحث عن طبائع الحيوان وما ورد فيه من الأخبار والقصص والنوادر والخرافات والفكاهة والمجون، والذي تحدث فيه الجاحظ عن العرب، وأحوالهم، وأخبارهم، وأشعارهم، إضافةً لما قام به من تجاربٍ بنفسه.
  • البيان والتبيين: تناول الجاحظ في هذا الكتاب موضوعات متفرقة، مثل علم الأدب والبيان، وفن القول، ووجوه البلاغة والفصاحة، وآفات اللسان، وميز بين عيوب الناس في النطق مثل اللثغة واللكنة، كما خصص باباً واسعاً للخطابة.
  • البخلاء: هو كتاب علم وأدب وفكاهة، وهو عبارة عن وصف للحياة الاجتماعية في صدر الدولة العباسية، بأسلوبه المعروف ببيانه الجزل الرصين، كما أضفى عليه من روحه الخفيفة، فأخبر في كتابه عن أسرار البيوت وخفاياها، وأحاديث الناس في أمورهم الخاصة والعامة، وكشف عن الكثير من صفاتهم وعاداتهم وأحوالهم في أوضح بيان، وأدق تعبير، وأبرع وصف.
  •  كتاب التاج في أخلاق الملوك، اشتهر هذا الكتاب باسم (أخلاق الملوك)، وقد وصف فيه الجاحظ الخلفاء والأكابر في حفلاتهم الرسمية وحشودهم العامة إلى ما هنالك من طرائف ملوكية وترتيبات سياسية اقتبس العرب بعضها من الفرس خاصة في عهد المأمون، وفي الكتاب يظهر التأثير الكبير للحضارة الفارسية في الحضارة الإسلاميّة على عهد العباسيين.
  • رسائل الجاحظ: هي من الآثار الأدبية الشهيرة التي انتشرت قديمًا وحديثًا وطُبعت عدة مرات، وشرحها علماء معروفون، وهي مجموعة من الرسائل النادرة التي تبحث كلّ واحدة منها في موضوع واحد بعمقٍ واستفاضةٍ تثير الإعجاب والتقدير لهذا العقل الجبار، فيعتقد القارئ أنّ هذا الكاتب متخصص بهذا الموضوع فقط، كما يأتي بالإثباتات والأدلة التي تدعم فكرته، مما يجعل قوته الفكرية تبرز دهشتنا بعظمته، ومما يزيد من أهمية هذه الرسائل أنّها حفظت لنا نوادر من الشعر لا توجد في مصادر أخرى، مثل شعرٍ لأبي دلف، ولابن أبي فنن، وسعيد بن حميد، والعكوك وغيرهم.
  •  كتاب البرصان والعرجان والعميان والحولان.
  • كتاب الخسران المبين.
  • كتاب المحاسن والأضداد.
  • كتاب مفاخرة الجواري والغلمان.

مرضه ووفاته

عاش الجاحظ أكثر من تسعين سنة، نهل فيهم من تجارب الحياة، لكنه أصيب بالمرض في أواخر أيامه حتى توفي في عام 255 هجرية الموافق 868م، حيث روي أنه توفي تحت كتبه التي انهارت عليه.

البوم الصور

موقع اللوحة بالشارع

المصادر والمراجع

  • تركي بن حسن الدهماني، أخبار الجاحظ، الأردن-عمان: أمواج للطباعة والنشر والتوزيع، 2012.
  • خليل مردم، الجاحظ: أئمة الأدب، الجزء الأول، مؤسسة هنداوي، 2019.
  • السيد حسين، السخرية في أدب الجاحظ، ليبيا: الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع، 1988.
  • شارل بلات، الجاحظ في البصرة وبغداد وسامراء، ترجمة إبراهيم الكيلاني، دمشق: دار اليقظة العربية للتأليف والترجمة والنشر، 1961.
  • كامل عويضة، الجاحظ: الأديب الفيلسوف، بيروت: دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع، 1993.
  • مصطفى الشكعة، مناهج التأليف عند العلماء العرب: قسم الأدب، بيروت: دار العلم للملايين، 1991، ص135- 147.