شارع داود حسني
الاسم | دافيد حاييم ليفي |
اسم الشهرة | داود حسني |
مولده ونشأته
ولد داود حسني في 26 فبراير 1870، لعائلة مصرية عميـقة الجذور من طائفة” اليهود القرائين” واسمه في شهادة الميلاد “دافيد حاييم ليفي”. وقد ولد ونشأ في حارة “الصنادقية” القريبة من حي اليهود القرائين في قسم الجمالية بالقاهرة، حيث كان لنشأته في هذا الحي الشعبي أثر كبير في تكوين فنه واندماجه في الروح المصرية. فكان والده “المعلم خضر” و بالعبري “الياهو” يعمل كتاجر مصوغات في حي الصاغة. وكان الوالد شغوفًا أيضًا بآلة العود وكان يعزفها بمهارة.
بدأ داود دراسته في “مدرسة الفرير” في “حي الخرنفش” وأكمل المرحلة الابتدائية، ثم بدأت ميوله وحبه للموسيقى، فانجذب إلى فن الموسيقى والغناء وترك المدرسة واشتغل في مكتبة “سكر” لتجليد الكتب. وربما كان اشتغاله بهذه المكتبة هي بداية احترافه للموسيقى.
كان “الشيخ سكر” من المتحـمسين لحلقات الذكر، وقد انبهر الشيخ سكر عندما سمع صوت وغناء داود، لذلك سمح لداود بالغناء أثناء عمله بالمكتبة. وحدث عن طريق المصادفة أن “الشيخ محمد عبده” عند حضوره إلى مكتبة الشيخ سكر، الذى كان يقوم بتجليد كتب ومؤلفات الشيخ محمد عبده، أن سمع داود وهو يغنى أثناء عمله في المكتبة؛ فقال للذين حول داوود أن هذا الشاب سـيكون له نصيـب وافر في عـالم الفـن والغـناء إذا أذن له الله بأن يمارس مهنة الغناء والمـوسيقى.
وكانت كلمات الشيخ محمد عبده لها وقع كبير في نفس داود، وأشعلت في نفـسه رغـبة تـعـلم الموسيقى. ونتـيجة لهذا نشـأت صـداقة بينهم، وتابع الشيـخ محمد عبده باهتمام تقدم داود. وبدأ داود أثناء عمله في المكتبة بقراءة الكتب المُتاحة له من فنون وعلوم وأدب وموسيقى لكى يعوض ما فاته في المدارس وأصبح بذلك يعادل طبقات المجتمع المثقف في عهده.
وعندما علم والده بميول داود الموسيقية اعترض على احترافه للموسـيقى، وبدأ صراع في داخل داود بين طاعة والده وبين شغـفه بالمـوسـيقى. وعلي الرغـم مـن ألألـم الشديد الذى كان يشعره بين عصيانه لوالده وحبه للموسـيقى فقد انتـصر حبه للموسيقى في آخـر الأمـر.
واستقل داود مركبًا شراعيًا عبر نهر النيل وذهب إلى المنصورة وتتـلمذ علي يـد المعلم “محمـد شعبان” مدرس الموسيقى، حيث تعلم العزف على الآلات الموسيقية لمدة سنـتين. بعدها قال المعلم شعبان لداود بأنه أصبح كفؤا ويمكنه العودة إلى القاهرة ليمارس اشتغاله في عالم الموسيقى والغناء. وقد اكتسـب داوود أثنـاء وجـوده بالمنصورة فنًا طبيـعيًا من سماعه لأغـاني الفلاحين والصيادين والمراكبية. وعاد داود إلى القاهرة حاملاً معـه كنـوزًا من فـن الموسيقى.
مسيرته الفنية
وبعد استعدادات كثيفة انغمر داود في عالم الموسيقى وارتفع نجمه وتلألأ في عالم الموسيقي والطرب، وبدأ نجمه يسطع بجانب الموسيقيين في عصره، مثل: “عبده الحامولي” و”محمد عثمان” و”المنيلاوي” و”عبد الحي حلمي” وآخرين.
وابتدأ في أول الأمر بغناء أنغـام “عبد الرحيم المسلوبي”، ولما استمع الحامولي إلى غناء داود قال إن فن داود ارتفع بمكانته إلى مصاف الخالديـن. وتقديرًا لموهبة داود سمح محمد عثمان لداود حسنى بأن يستخدم فرقته الموسيقية لإحياء الحفلات والأفراح وفى مختلف المناسبات.
وابتدأ داود بالتلحين عندما كان في العـشرين من عمـره مما لفـت أنظـار العاملين بالموسيقى، وأول دور قام داود بتلحينه هو “الحـق عندي لك يا اللي غـرامك زايد”، ومن هذا الدور اعترف محمد عثمان بمقدرة داود حسني وبأنه سيـكون خليـفته في عـالم الموسـيقى والغـناء.
حمل داود حسني لواء الموسيقى الشرقية بعد وفاة عبده الحامولي ومحمد عثمان، وابتدأت ألحانه وموسيقاه تـنتـشر بسـبب تقديمه أنغـام جديدة من نوع المقـام، وأحدث تطويره في أسلوب الغناء إلي اتساع مجال الموسيقى العربية.
وقد تميز أسلوب داود حسني بجرأته في التجديد ومزجه مختلف المقامات. لقد أدخل النغم الفارسي بجانب النغم التركي والأندلسي حيث كانت هذه الأنغام غير معروفة في الموسيقى المصرية. لقد كان داود حسني أول من أدخل هذه المقامات في الموسيقى المصرية.
كما فاق داود حسني بألحانه الموسيقية كل من سبقوه وكذلك المعاصرين له في مجال الطرب. لقد ارتفع بموسيقى الشرق الأوسط الي مستوي عالٍ لم تصله من قبل.
كان داود حسني أول من لحن وأدخل موسيقى “الأوبرا” الكاملة للناطقين باللغة العربية، حيث أهدى الغناء المسرحي المصري أوبرا “شمشون ودليلة”، التي قال عنها النقاد أنها فتح جديد في عالم الموسيقى العربية.
في سنة 1906 مُنح داود الجائزة الأولى في مؤتمر الموسيقى المنعقد في باريس لتلحينه الدور المشهور “أسير الحب”، وهذه الأغنية لا تزال تطرب جميع المغرمين بموسيقى الشرق الأوسط.
وفي حوالي سنة 1910 ظهر طابع جديد في موسيقى داود حسني بمزجه الموسيقى الشعبية مع الموسيقى التقليدية ليطرب آذان عامة الشعب والطبقات الراقية في قصورهم لإحياء حفلات زواجهم ومناسباتهم المختلفة. وبذلك وصل إلى قلوب الجميع في وقت واحد.
تعلمت” ليلى مراد “على يد داود حسني، وغنى ألحانه مطربي ومطربات عصره، ومن بينهم: عبده الحامولي، والمنيلاوي، وعبد الحي حلمي، وزكي مراد، والشنتوري، والصفتي، والسبع، وأم كلثوم، ونجاة علي، ورجاء، واسمهان، التي كان اسمها الحقيقي “آمال الأطرش”، فأطلق هو عليها اسم أسمهان.
ولاقت الجماهير داوود حسنى بترحيب بالغ لأنغامه التي غيرت الغناء من ناحية الفكرة والنغم؛ فكانت موسيقاه تختلف في التوزيع بمزج النغمات مع الإنشاء والتوزيع الموسيقي.
لم يترك داود حسني أي نوع أو طراز من الموسيقى بدون أن يستعمله في ألحانه الموسيقية. واستمر في تلحين التواشيح والأدوار والمواويل والطقاطيق حتى سنة 1919، واتجه بعدها إلى نوع جديد مهم من الغناء المسرحي والأوبريتات.
وفي مؤتمر الموسيقى المنعقد في القاهرة سنة 1932 برعاية المعهد العالى للموسيقى العربية وحضره مشاهير الموسيقيين من ألمانيا وفرنسا نجح المؤتمر بتسجيل وحفظ آلاف من نماذج الموسيقى العربية التقليـدية والمعاصرة من شمـال إفريقيـا إلى منطـقة الشرق الأوسـط. واعتبر النقاد أن داود حسني هو المؤسس الرئيسي للتراث الخالد لفن الموسيقى المصرية.
حياته الشخصية
لقد تزوج داود حسني في أكتوبر 1905 من زوجته الأولى “ماري دانيال فيروز”، والتي توفيت سنة 1917، وأنجب منها أربعة أولاد. وفي سنة 1920 تزوج من زوجته الثانية “ماري سليم إلياهو مسعودة”، والتي توفيت أثر حادث أليم في 5 فبراير 1926، وأنجب منها ولدان.
أعماله
لقد لحن داود حسني موسيقى أكثر من خمسمائة أغنية “دور” و”طقطوقة” و”موال” و”تواشيح”، كما لحن عشرات من الأوبريتات. من ألحانه للأغاني الشعبية “أسمر ملك روحي” و”جننتيني يا بت يا بيضة” و”البحر بيضحك ليه وأنا نازلة أدلع” و”يا تمر حنا روايح الجنة”.
ومن ألحانه لأم كلثوم: شرف حبيب القلب، يوم الهنا حبي صفالي، البعد علمني السهر، جنة نعيمي في هواك، حسن طبع اللي فتني، روحي وروحك، قلبي عرف معني الأشواق، كل ما يزداد رضى قلبك علي، كنت خالي لا حبيب يهجر، يا فؤادي إيه ينوبك، يا عين دموعك.
ومن ألحانه الأخرى:
- أصل الغرام نظرة
- اعشق الخالص لحبك
- القلب في حب الهوي
- بالعشق أنا قلبي هنى
- شربت الصبر من بعدي
- طف بكاس الرّاح
- فريد المحاسن بان
- كل يوم أشكي من جراح قلبي
- لحن المراكبية من أوبريت معروف الإسكافي
- ما حب غيرك وانت مهجة قلبي
- مقطع من أوبرا شمشون ودليلة
- من يوم عرفت الحب
- نور العيون شرف وبان
- أسمر ملك روحي
- جننتيني يا بت يا بيضة
- البحر بيضحك ليه وأنا نازلة أدلع
- يا تمر حنا روايح الجنة
وفاته
توفي داود حسني في 10 ديسمبر 1937، ودفن في مقبرة اليهود القرائين بالبساتين بالقاهرة، تاركًا ورائه كنوزًا خالدة من الموسيقى والألحان العزبة.
البوم الصور
موقع اللوحة بالشارع
المصادر والمراجع
- أسعد مخول، داود حسني ملحّن مصري أصيل، موقع العربي، رابط الإتاحة: https://alarabi.nccal.gov.kw/Home/Article/16947
- أماني إبراهيم، حكاية أعظم موسيقار في جيله.. داود حسني اليهودي الذي أدخل الأوبرا لمصر.. نوستالجيا، موقع صدى البلد، 25 فبراير 2019، رابط الإتاحة: https://www.elbalad.new
- بدر النحايفي، داود حسني.. أبرز المحطات في حياة مؤسس التراث للموسيقى المصرية، مستقبل وطن نيوز، 26 فبراير 2022، رابط الإتاحة: https://www.mwatan.news/592154
- s/3716806
- مصطفى نجيب، موسوعة أعلام مصر في القرن العشرين، القاهرة: وكالة أنباء الشرق الأوسط، 1996، ص203.
- هبة أمين، تأثر بـ”الأذان والترانيم والأجراس”.. داوود حسني مجدد الموسيقى العربية، موقع جريدة الوطن، 26 فبراير 2020، رابط الإتاحة: https://www.elwatannews.com/news/details/4605632