طاغور
الاسم | رابندرانات طاغور |
اسم الشهرة | طاغور |
مولده ونشأته
ولد “رابندرانات طاغور” يوم 7 مايو 1861 في مدينة “كالكوتا” في الهند لعائلة كبيرة رفيعة النسب معروفة في أوساط طبقة “البراهما” الدينية الكهنوتية.
كان والده “الماهاراشي دفندرانات” مصلحًا دينيًا وله مكانته الهامة في إقليم البنغال، ووالدته سارادا ديفي المتفانية في تربية أفراد أسرتها المكونة من 12 ولدًا وبنتًا على مفاهيم الجمال والطبيعة والحب الإنساني، من خلال الجو الديني العام الذي كان يميز بيت آل طاغور، ذلك أن الأسرة كانت معروفة بتراثها وبإمبراطورتيها المالية الضخمة التي أسسها الجد الأول.
تلقى رابندرانات طاغور تعليمًا منزليًا صارمًا في بداية حياته تحت إشراف والديه وأشقائه، بالإضافة إلى مدرس يدعى “دفيجندرانات” الذي كان عالمًا وكاتبًا مسرحيًا وشاعرًا. فرغم أنه كان آخر الأبناء إلا أنه لم يكن مدللًا، بل حرصت والدته على تعليمه وتثقيفه كباقي أشقائه الذين كان لهم باع كبير في الآداب والموسيقى والثقافة البنغالية آنذاك.
قرأ في عمر مبكر كافة الآداب السنسكريتية والبنغالية والعلوم الدينية الهندوسية والإنجليزية، ودرس على نحو معمق أبرز الكتب الدينية، كما تأثر بالشعر الهندي وملاحمه، سيما ملحمة “الرمايانا” و”المهابهراتا”. وتعلق بشكل خاص بشعراء الهند الصوفيين، وقرأ كذلك الشعر البنغالي ودرس قصائد “كاليداسا” وبدأ نظم الشعر في الثامنة من عمره.
وقد توفيت والدته سنة 1875، فتأثر بذلك تأثرًا شديدًا جعله ينشر أولى قصائده في إحدى المجلات الأدبية التي كانت تنشط في مسقط رأسه كلكوتا.
وفي السابعة عشر من العمر أرسله والده إلى إنجلترا لاستكمال دراسته في الحقوق، حيث التحق بكلية لندن الجامعية، لكنه ما لبث أن انقطع عن الدراسة، بعد أن فتر اهتمامه بها، وعاد إلى كالكوتا دون أن ينال أي شهادة.
تزوج طاغور سنة 1883، وهو في الثانية والعشرين من العمر بفتاة في العاشرة من العمر، مرينا ليني، شبه أمية أنجب منها ولدين وثلاث بنات. أحبته زوجته بشدة فغمرت حياتهما سعادة وسرور، فخاض معها في أعماق الحب الذي دعا إلى الإيمان القوي به في ديوانه” بستاني الحب”.
وانتقل بعد ذلك عام 1891 إلى البنغال الشرقية (بنغلاديش حاليًا) من أجل إدارة عقارات عائلته وممتلكاتها، ومكث هناك لمدة تزيد على 10 سنوات وثّق خلالها علاقته بالطبيعة. حيث كان يقيم في منزل عائم على نهر بادما، كما أصبح على اتصال مباشر بأهالي القرية، الأمر الذي جعله يتبنى أفكارًا إنسانية ويتعاطف معهم، وهو ما برز جليًا في مؤلفاته خلال تلك الفترة.
إلا أن زوجته توفيت وهي في مقتبل العمر، ولحق بها ابنه وابنته وأبوه في فترات متلاحقة متقاربة ما بين عامي 1902 – 1918، فخلفت تلك الرزايا جرحًا غائرًا في نفسه.
إنجازاته ومؤلفاته
أصدر طاغور روايته الأولى وهو في عمر الـ 16 إلى جانب ديوانه الشعري الأول بعنوان “أغاني المساء”.
لقد شكلت الرحلات جزءًا مهما من حياة طاغور، حيث عاد إلى أوروبا عام 1890 بعد رحلته الأولى التي كانت من أجل الدراسة، غير أن تعيينه نائبًا لرئيس أكاديمية الآداب البنغالية، السنة الموالية، جعلته يكرس كل جهوده لخدمة الحركة الأدبية والانخراط الكلي في النشاط الأدبي والسياسي.
وفي عام 1901 أسس مدرسة تجريبية في ريف البنغال الغربية وبالتحديد إقليم شانتينيكيتان، وقدم لها كل اهتمامه لولا مسحة الحزن التي عصفت بعائلته نتيجة الوفيات المتلاحقة فيها.
حمل طاغور كل جروحه وأحزانه إلى الشعر الذي كان عزاءه الأول، فقدم للعالم ديوان “قربان الأغاني” سنة 1910 باللغة البنغالية، وحصد به شهرة عالمية، مكنته من الظفر بجائزة نوبل للآداب سنة 1913 ليكون أول شرقي يحصد هذه المكانة الأدبية الرفيعة.
نال وسام الفارس من قبل ملك بريطانيا جورج الخامس، ولكنه ما لبث أن أعاده بعد ارتكاب مجزرة أمريتسار، والتي راح ضحيتها 400 متظاهر هندي على أيدي القوات البريطانية سنة 1919.
وواصل طاغور مهامه بالمدرسة التجريبية وقدم لها كل ريع جائزة نوبل رغبة منه في تطويرها وإرساء مناهجها العلمية والفلسفية، ليستقر بشكل دائم في المدرسة حتى أصبحت الجامعة الهندية للتعليم العالي عام 1918 غرب البنغال والمعروفة باسم “فيسفا بهاراتي”.
واستمر في جمع التبرعات لفائدة جامعته من خلال الرحلات المختلفة التي كان يقوم بها إلى كل بقاع العالم، يقرأ الشعر ويلقي المحاضرات، كما عاش حياته من أجل قضية وطنه داعيا إلى استقلال الهند، وبهذا السياق اختلف طاغور مع الزعيم الروحي غاندي الذي اعتمد على الزهد والعيش البسيط والمقاومة السلمية ضد الاستعمار البريطاني، في حين رأي طاغور أن هذا الأسلوب تسطيح لفعل المقاومة.
كان طاغور غزير الإنتاج فكتب حوالي 300 كتاب ورسم حوالي 3 آلاف لوحة فنية، كما كتب أكثر من ألفي أغنية كتابة وتلحينًا، لاقت معظمها نجاحًا شعبيًا كبيرًا وسط مختلف طبقات المجتمع البنغالي.
وتعددت أسفاره ورحلاته إلى أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية وغالبية الدول الآسيوية، كما زار مصر والعراق وأقام علاقات كبيرة بين مختلف شخصيات العالم لانخراطه في ما كان يحدث حوله ونضاله من أجل الحرية.
وتعرف طاغور إلى “أينشتاين” في إحدى رحلاته، وتبادلا المراسلات التي كان مفادها النظرة الصوفية للكون ومناقشة مشكل التقدم الإنساني والسعي خلف النجاحات المادية الزائفة من دون الانتباه إلى العمق الإنساني وعلاقة الفرد بالكون.
وقد ساعدته هذه الرحلات على اكتشاف كثير من الحضارات والثقافات، مما جعله يعيد اكتشاف نفسه كرسام في الستينيات من عمره، ورغم عمره المتقدم آنذاك فإنه استطاع أن يحترف الرسم، ويقدم أكثر من 3 آلاف لوحة فنية، عرض بعضها في معارض عالمية.
من أهم مؤلفاته
كانت مؤلفات طاغور تعبيرًا عن المعاني الإنسانية السامية، إذ تدور كل مواضيعه حول محبة الإنسانية وعدم التمسك بالحب الفردي، ومرد ذلك إلى أنه كان قد فقد كل أولاده وزوجته في عمر مبكر، كما نبذ التعصب السائد بالهند بين مختلف الطوائف والديانات، ففضح التعصب الهندوسي في روايته “جورا” التي تحولت إلى أعمال مسرحية وسينمائية، كما يعود النشيد الوطني للهند وبنغلادش إليه تأليفًا وتلحينًا، ومن أشهر أعماله ما يلي:
- ماناسي” مجموعة شعرية 1870.
- تشيترا” مسرحية 1892.
- “جورا” رواية 1910.
- جنتجالي” أو قربان الأغاني، مجموعة شعرية 1910.
وفاته
أمضى طاغور ما تبقى من عمره متنقلًا بين العديد من دول العالم في آسيا وأوروبا والأمريكتين، لإلقاء الشعر والمحاضرات والاطلاع على ثقافة الآخرين، دون أن ينقطع عن متابعة شؤون مدرسته، وظل غزير الإنتاج حتى قبيل ساعات من وفاته، حين أملى آخر قصائده لمن حوله، وذلك في 17 أغسطس 1941 في أعقاب فشل عملية جراحية أجريت له في كالكوتا مسقط رأسه.
البوم الصور
موقع اللوحة بالشارع
المصادر والمراجع
- أحمد المسلماني، طاغور عظيم الهند.. الدين والسياسة والفلسفة، جريدة الوطن، 2 مارس 2021، اطلع عليه بتاريخ 5 ديسمبر 2024، رابط الإتاحة: https://www.elwatannews.com/news/details/5349083
- أحمد سعد الله، نال نوبل للآداب 1913.. محطات في حياة الشاعر البنغالي روبندرونات طاغور، صدى البلد، 7 مايو 2023، اطلع عليه بتاريخ 5 ديسمبر 2024، رابط الإتاحة: https://www.elbalad.news/5757149
- س. جور، طاغور: الفيلسوف الشاعر، القاهرة: دار نبتة للنشر والتوزيع،2018
- محمود عماد، في ذكرى ميلاد شاعر الشعراء.. محطات في حياة طاغور، الشروق، 7 مايو 2024، اطلع عليه بتاريخ 5 ديسمبر 2024، رابط الإتاحة: https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=07052024&id=b675f018-3a38-4f4b-9a47-b4e7f9a92e1b