شارع مصطفى النحاس باشا
الاسم | مصطفى محمد سالم النحاس |
اسم الشهرة | مصطفى النحاس |
لعب النحاس دورًا مهمًا في الحياة السياسية في مصر لأكثر من ربع قرن، وأحب النحاس الوطن ودافع عنه وتبنى القضية الوطنية، ورأس حزب الوفد مما أتاح له مركزًا شعبيًا ساعده في النضال ضد الإنجليز وضد القصر، والأكثر من ذلك أن النحاس كان رجلًا نزيهًا وأحبه المصريون حتى بعد خروجه من معترك السياسة بعد ثورة يوليو حينما خرج عشرات الآلاف لتشييع جثمانه.
مولده ونشأته
ولد “مصطفى محمد سالم النحاس” في 15 يونيو 1879 في بلدة “سمنود” بمحافظة الغربية، وكان والده الشيخ محمد النحاس من تجار الأخشاب المشهورين بالنزاهة والاستقامة ونال قسطًا من التعليم في الأزهر بالقاهرة، وتلقى النحاس تعليمه الأولي ومبادىء القراءة والكتابة والحساب في كُتاب القرية، وعندما بلغ السابعة والبعض يقول العاشرة كان قد أتم حفظ القرآن الكريم، وعندما بلغ الحادية عشرة من عمره أرسله والده إلى مكتب التلغراف في المدينة لكي يتعلم المهنة، وقد أدهش الجميع بحفظ جميع الرموز في ثلاثة أيام، وعندما سمع أحد المستشارين بقصة هذا الطفل ذهب إلى والده الشيخ محمد وأقنعه بضرورة إرسال ابنه إلى أحدى مدارس القاهرة، ومن هنا انتقل النحاس لأول مره في حياته إلى القاهرة ليلتحق بمدرسة الناصرية الابتدائية عام 1890، والحق بالصف الثاني مباشرة وتفوق على جميع أقرانه في المدرسة، ثم التحق النحاس بمدرسة الخديوية الثانوية عام 1892، والتي أُعفى فيها من المصاريف وذلك لتفوقه الدراسي، وفى عام 1896 التحق بمدرسة الحقوق والتي تخرج منها بعد أربع سنوات أي عام 1900، وكان ترتيبه الأول على دفعته.
وظائفه
رفض النحاس إن يعمل كاتبًا ولا معاون نيابة واشتعل بالمحاماة في مكتب “محمد فريد” الزعيم الوطني الشهير عام 1900، وقد أصر النحاس منذ اليوم الأول على أن يتولى عدة قضايا بنفسه لا أن يكون محاميًا تحت التمرين. ترك النحاس مكتب محمد فريد بعد أن عمل فيه لفترة قصيرة ليصبح شريكًا كاملًا لمحام مشهور في المنصورة عام 1902، وقد استمر النحاس في العمل بالمحاماة لمدة أربع سنوات فقط تحول بعدها للقضاء، حيث عُين قاضيًا وأمضى في “قنا” و”أسوان” بالصعيد ست سنوات، ثم نُقل إلى “ميت غمر” ، ثم قاضيًا بمحكمة عابدين في القاهرة، ثم رئيس دائرة بمحكمة طنطا، حيث كانت أخر مناصبه بالقضاء، وحصل على رتبة البكوية. والغريب أنه لم يلتقي بـ “سعد زغلول” سوى مرتين فقط طوال تلك الفترة.
النحاس والوفد
كان النحاس عضوًا بالحزب الوطني، ووكيلاً لنادي طلبة المدارس العالية، ولعب دوراً في تحريكهم وتحريضهم للمطالبة بالاستقلال قبل ثورة 1919، وأهلته اتصالاته الواسعة للانضمام لعضوية حزب الوفد، للانتفاع به للدعاية للحزب، وجذب أعضاء جدد، ومنذ ذلك الوقت أصبح من المقربين لسعد زغلول.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى تشكل الوفد المصري لعرض قضية استقلال مصر على مؤتمر الصلح المقرر انعقاده في باريس عام 1919، وتشكل الوفد بالفعل في 13 نوفمبر 1918 من سعد زغلول وعلي شعراوي وعبد العزيز فهمي ومحمد محمود وأحمد لطفي السيد وعبد اللطيف المكباتي ومحمد علي علوبة، وضم إليهم سعد زغلول سبعه آخرين هم: حمد الباسل وإسماعيل صدقي ومحمود أبو النصر وسينوت حنا وجورج خياط ومصطفى النحاس ممثلًا للحزب الوطني، وهؤلاء الأربعة عشر هم الذين ضمهم قانون الوفد الذي صدر في 23 نوفمبر 1918، وقد ضم الوفد إليه بعد ذلك كلًا من حسين واصف، وعبد الخالق مدكور.
النحاس وثورة 1919
عندما قامت سلطات الاحتلال البريطاني باعتقال سعد زغلول وعدد من أعضاء الوفد ونفتهم إلى خارج مصر، أدى ذلك إلى اندلاع ثورة 1919، وقد لعب النحاس دورًا هامًا في ثورة 1919، حيث كان وكيلًا لنادى المدارس العليا الذي لعب دورًا رئيسيًا في تحريك وتحريض الطلبة قبل الثورة. وكان له دور هام في إضراب الموظفين، حيث كان هو الوسيط بين لجنة الموظفين في القاهرة والمحامين من جانب، ولجنة الموظفين في القاهرة وطنطا من جانب أخر، فقد كان النحاس يعمل قاضيًا بمحكمة طنطا وكان يحمل المنشورات داخل ملابسه حتى يتم توزيعها بين أفراد الشعب، وقد فصل النحاس من منصبه كقاضي لنشاطه الثوري، ولكنه أصبح سكرتيرًا عامًا للوفد. وحين عاد الوفد من باريس في ديسمبر 1919 فتح النحاس مكتبا للمحاماة ونفي إلى جزيرة سيشل من 1921 وحتى عام 1923.
النحاس وزيرًا للمواصلات في وزارة سعد زغلول
عقب فوز الوفد في الانتخابات البرلمانية التي تلت دستور 1923 بأغلبية ساحقة وكانت انتخابات نزيهة، وبناء عليه شكل سعد زغلول الوزارة (٢٨ يناير ١٩٢٤ – ٢٤ نوفمبر ١٩٢٤)، فكان أول مصري من أصول ريفية يتولى هذا المنصب وذلك الدور في تاريخ مصر الحديث، فكان غصة في حلق السراي الملكي وقصر الدوبارة – مقر المعتمد البريطاني- وتم تعيين النحاس وزيرًا للمواصلات، وكان النحاس من الأفندية ولم يكن حينئذ باشا، ولا من كبار الملاك، كان ذلك يعنى دخول الطبقة الوسطى المهنية الحكم لأول مرة، وكسر احتكار القصر وكبار الملاك للحكم في مصر، وكان ذلك من نتائج ثورة 1919.
لقد وضع النحاس قدمه على الطريق الصحيح، حيث خلف سعد زغلول في زعامته الوفد.
النحاس زعيمًا للوفد
عقب وفاة سعد زغلول في عام 1927 لم يكن النحاس أحد المرشحين لخلافته في البداية، ولكن لمواقف النحاس مع “صفية زغلول” وقفت الأخيرة مع النحاس، وتؤكد مصادر الوفد أن النحاس لم يقبل الترشيح إلا بعد إصرار خاص من جانب صفية زغلول، ويقال أن الأقباط وقفوا إلى جانب النحاس ممثلين في “فخري عبد النور” و”مكرم عبيد”، ولعل اعتدال النحاس وعمله كسكرتير للوفد أتاح له التعرف على عدد كبير من الأفندية، كما أن النحاس تاريخه مشرف ومعروف بداية من مواقفه المشرفة مع “مصطفى كامل” أولًا وسعد زغلول ثانيًا، وهو رجل نزيه جدًا لهذه الأسباب فاز النحاس بزعامة الوفد في سبتمبر 1927.
والجدير بالذكر أنه أعيد انتخاب النحاس لمجلس النواب عام 1926، وأصبح رئيسًا مجلس النواب (17 نوفمبر 1927- 16 مارس 1928).
النحاس رئيسًا لمجلس الوزراء
يلاحظ أنه على امتداد تاريخ الوزارات المصرية منذ نشأتها في أغسطس سنة 1878 وحتى قيام ثورة 23 يوليو 1952 لم يتول رجل رئاسة مجلس الوزراء بالقدر الذى تولاها به مصطفى النحاس باشا فقد تولى رئاسته سبع مرات.
شكّل النحاس وزارته الأولى في 16 مارس ١٩٢٨، وتولى فيها منصب وزير الداخلية، ولكنها سقطت بعد ثلاث شهور نتيجة تأزم العلاقات بينه مع القصر والإنجليز، ثم شكّل وزارته الثانية التي احتفظ فيها بمنصب وزير الداخلية أيضًا في أول يناير ١٩٣٠، والتي تفاوض خلالها مع “هندرسون”، وزير الخارجية البريطانية، للوصول لاتفاق ينص على استقلال مصر.
وفي ٩ مايو 1936 قام النحاس بتشكيل وزارته الثالثة، واحتفظ فيها بمنصب وزير الداخلية، وترأس خلالها الوفد المصري في المفاوضات مع إنجلترا، والتي انتهت بتوقيع معاهدة ١٩٣٦.
وقد شكل وزارته الرابعة في أول أغسطس 1937، واحتفظ فيها بمنصب وزير الداخلية أيضًا، ثم شكّل وزارته الخامسة في ٤ فبراير ١٩٤٢، وتولى فيها منصبي وزيري الداخلية والخارجية، بعد أن أعاده الإنجليز على رأس الوزارة بقوة السلاح عندما حاصرت الدبابات البريطانية قصر عابدين وأرغمت الملك على عودته، وقد سعى الملك نتيجة ذلك لإحداث شقاق بين الوفديين تمثل في الصدام بين النحاس ومكرم عبيد سكرتير عام الوفد، ووزير المالية، وهذا ما أدى إلى انشقاق الأخير عن الوفد، مما حدا بالنحاس لتشكيل وزارته السادسة التي تولى فيها منصبي وزير الداخلية والخارجية في ٢٦ مايو ١٩٤٢، وأزاح مكرم عبيد منها.
وفي عام 1950 أجريت الانتخابات؛ ففاز الوفد وقام النحاس بتشكيل وزارته السابعة والأخيرة في 12 يناير 1950، فقام في عام 1951 بإلغاء معاهدة 1936 مما أدى الى نشوب القتال مع القوات البريطانية في منطقة قناة السوس، وأعقب ذلك حريق القاهرة في 26 يناير 1952، فأقال الملك فاروق النحاس للمرة الأخيرة بعد أقل من عامين في 27 يناير 1952.
النحاس ومعاهدة 1936
ذكرنا فيما سبق أن النحاس ترأس وفد مصر في المفاوضات التي انتهت في 26 أغسطس بإبرام معاهدة 1936، والتي قال عنها أنها معاهدة الشرق والاستقلال. ولكن عقب قيام الحرب العالمية الثانية ثبت أنها لصالح إنجلترا أكثر منها لصالح مصر، خاصة عندما وقع حادث 4 فبراير 1942، حيث حاصرات وحدات من الجيش البريطاني قصر عابدين وأرغمت الملك على أن يأتي بالنحاس رئيسًا للوزارة وقد كان، حيث شكل النحاس الوزارة واكتملت الفكرة لدى النحاس لإلغاء المعاهدة، ولذلك وقف في البرلمان المصري في أكتوبر 1951، وقال عبارته الشهيرة: “من أجل مصر وقعت معاهدة 1936 ومن أجل مصر أطالبكم بإلغائها”. وهكذا ألغى النحاس المعاهدة بعد أن كان هو المدافع الكبير عنها، حيث ثبت له أنها غير صالح مصر.
نهاية المسيرة السياسية للنحاس ووفاته
قام قادة ثورة 23 يوليو بحل الأحزاب نهائيًا في 18 يناير 1953، ورفع اسم النحاس من الصحف الوفدية التي كانت معتادة على نشر أخبار اجتماعاته. ثم أصبح النحاس وزوجته رهن الإقامة الجبرية بالمنزل، وظل النحاس حبيس في منزله حتى وفاته في 23 أغسطس 1965، وشيعت جنازته من مسجد الحسين، وقد حضرها الآلاف من أبناء الشعب المصري كآخر تحية لزعيم قاد الحركة الوطنية المصرية لأكثر من ربع قرن من الزمان.
البوم الصور
موقع اللوحة بالشارع
المصادر والمراجع
- رفعت السعيد، مصطفى النحاس: السياسي والزعيم والمناضل، بيروت: دار القضايا، 1975.
- سلامة علي، ما لا يعرفه الناس عن الزعيم مصطفى النحاس، القاهرة: مطابع سجل العرب، 1982.
- عباس حافظ، مصطفى النحاس، مؤسسة هنداوي، 2013.
- علاء الحديدي،مصطفى النحاس: دراسة في الزعامة السياسية المصرية، القاهرة: دار الهلال، 1993.
- محمد الدسوقي، طه حسين يتحدث عن أعلام عصره، سلسلة اقرأ، القاهرة: دار المعارف، 1992، ص92-95.