شارع مصطفى لطفي المنفلوطي
الاسم | مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن حسن لطفي |
اسم الشهرة | مصطفى لطفي المنفلوطي |
مولده ونشأته
هو “مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن حسن لطفي”، ولد في عام 1876م في مدينة منفلوط التابعة لمحافظة أسيوط، لأب مصري وأم تركية، وكانت أسرته حسينية النسب مشهورة بالتقوى والعلم نبغ فيها من نحو مئتي سنة، قضاة شرعيون ونقباء. وقد قام والده بإلحاقه بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو في التاسعة من عمره.
أرسله والده بعد ذلك إلى الجامع الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده، فتلقى فيه طوال عشر سنوات علوم العربية والقرآن الكريم والحديث النبوي والتاريخ والفقه وشيئًا من شروحات على الأدب العربي، ولا سيما العباسي منه. وفي الثلاث سنوات من إقامته في الأزهر بدأ يستجيب لتتضح نزعاته الأدبية، فأقبل يتزود من كتب التراث في عصره جامعًا إلى دروسه الأزهرية قراءة متأملة واعية في دواوين شعراء المدرسة الشامية، كما كان كثير المطالعة في الكتب العربية.
وكان هذا التحصيل الأدبي الجاد، الرفيع المستوى، الأصيل البيان، الغني الثقافة، حريًا بنهوض شاب كالمنفلوطي مرهف الحس والذوق، شديد الرغبة في تحصيل المعرفة. ولم يلبث المنفلوطي، وهو في مقتبل عمره أن اتصل بالشيخ الإمام محمد عبده، الذي كان إمام عصره في العلم والإيمان، فلزم المنفلوطي حلقته في جامع الأزهر، يستمع منه شروحاته العميقة لآيات من القرآن الكريم، ومعاني الإسلام، بعيدًا عن التزمت والخرافات والأباطيل والبدع، وبعد وفاة محمد عبده (1905)، عاد المنفلوطي إلى بلدته وهو في أوائل الثلاثينيات من عمره، وبقي فيها عامين زاد فيهما حصيلته الأدبية وبدأ الكتابة والتأليف.
حياته الأدبية والعملية
كان المنفلوطي حريصًا وهو في مرحلة الدراسة الأزهرية على الاهتمام بحفظ ودراسة دواوين الشعراء الكبار من أمثال: أبي تمام، والبحتري، والشريف الرضي، والمتنبي، إضافة إلى أدباء النثر من أمثال: ابن المقفع، والجاحظ، وابن عبد ربه، والأصفهاني، وابن خلدون، وغيرهم، وهو ما منحه أسلوبًا خاصًا متميزًا، وذوقًا فنيًا رفيعًا.
وقد بدأت كتاباته تجد طريقها إلى النشر في مجلات تصدر في بعض الأقاليم، منها: “الفلاح” و”الهلال” و”الجامعة” و”العمدة”.
واظب المنفلوطي بدءً من عام 1907 على الكتابة في صحيفة “المؤيد” الشهيرة تحت عنوان: “نظرات”، وهي المقالات التي جُمعت بعد ذلك في ثلاثة مجلدات بعنوان: “النظرات”، تناقش الأدب الاجتماعي والنقد والسياسة والإسلاميات، إضافة إلى مجموعة من القصص القصيرة.
والكتاب الثاني الشهير للمنفلوطي هو “العبرات”، وهو يتضمن تسع قصص، ثلاث منها ألفها هو وخمس عربها، وواحدة اقتبسها، وقد طبع عام 1916.
عمل المنفلوطي في الدولة في عدة مواقع، حيث عُيّن في عام 1909 في وزارة المعارف، وكانت وظيفته (محرر عربي)، وكان ذلك في عهد “سعد زغلول باشا”، الذي كان صديقًا مقربًا له ومن أشد المعجبين به، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى وزارة الحقانية، وبعدها إلى الجمعية التشريعية، ثمّ إلى قلم السكرتارية في الديوان الملكي.
أسلوبه الأدبي
اهتم المنفلوطي في مقالاته كثيراً في قضية اللفظ والمعنى، تلك القضية التي شغلت العلماء والنقاد العرب والأوروبيين منذ زمن بعيد، واختلفت وجهات نظرهم حول هذه القضية، فمنهم من يردّ أهم مقومات العمل الأدبي إلى المعنى، ومنهم من يردّها إلى اللفظ، ومنهم من يساوي بينهما، وقد وضح المنفلوطي رأيه في هذه القضية إذ رفض بقوة ثنائية اللفظ والمعنى، حيث ساوى في المنزلة بينهما، على الرغم من سيطرة نظرة النقاد والبلاغيين الذين يفرقون بين اللفظ والمعنى على الساحة الأدبية في زمن المنفلوطي.
هذا بعض مما قاله المنفلوطي لتوضيح رأيه في مسألة ثنائية اللفظ والمعنى: “يجب أن يشف اللفظ عن المعنى شفوف الكأس الصافية، عن الشراب حتى لا يرى الرائي بين يديه سوى عقل الكاتب ونفس الشاعر، وحتى لا يكون للمادة اللفظية شأن عنده أكثر مما يكون للمرآة في تمثيل الصور والمخائل، ويجب أن يتمثل المعنى في ذهن المتكلم قبل أن يتمثل اللفظ، حتى إذا حسن الأول أفاض على الثاني جماله ورونقه، فالفظ لا يُجمل حتى يَجمُل المعنى، بل لا مفهوم للفظ الجميل إلا المعنى الجميل”.
بالنسبة لأسلوب المنفلوطي فإنّ أهم ما يميزه السمات الآتية: البعد عن التكلف والنأي عن التقليد، والاهتمام بحسن الصياغة وجمال الإيقاع، وسلامة الألفاظ وقصر الجمل، والاهتمام بالألفاظ العربية. ترك التعقيد والمحسنات فيما عدا بعض السجع المطبوع الذي يأتي بين الحين والآخر لدعم موسيقى الصياغة، ورعاية الجانب العاطفي. القوة والمتانة والرقة والعذوبة إضافة إلى السلاسة والترسُّل. خلوّ التراكيب من أي عيب ونسجها بطريقة بيانيّة غاية في الروعة.
مؤلفاته
- النظرات (ثلاثة أجزاء)، ويضم مجموعة من مقالات في الأدب الاجتماعي، والنقد، والسياسة، والإسلاميات، وأيضًا مجموعة من القصصالقصيرة الموضوعة أو المنقولة، جميعها كانت قد نشرت في الصحف، وقد بدأ كتابتها منذ عام 1907.
- العبرات، يضم تسع قصص، ثلاثة وضعها المنفلوطي وهي: الحجاب، الهاوية. وواحدة مقتبسة من قصة أمريكية اسمها صراخ القبور، وجعلها بعنوان: العقاب. وخمس قصص عربها المنفلوطي وهي: الشهداء، الذكرى، الجزاء، الضحية، الانتقام. وقد طبع الكتاب في عام 1916.
- رواية في سبيل التاج،ترجمها المنفلوطي من اللغة الفرنسية وتصرف بها، وهي أساسًا مأساة شعرية تمثيلية، كتبها الأديب الفرنسي فرانسوا كوبيه، وأهداها المنفلوطي إلى سعد زغلول.
- رواية بول فرجيني،صاغها المنفلوطي بعد ترجمته لها من اللغة الفرنسية وجعلها بعنوان الفضيلة وتسرد هذه القصة عدة احداث لعل من أهمها الحب العذري لبول وفرجيني لبعضهما جدا والمكافحة في سبيل أن يبقى هذا الحب خالدا للأبد في قلوبهم الندية.
- رواية تحت ظلال الزيزفون،صاغها المنفلوطي بعد أن ترجمها من اللغة الفرنسية وجعلها بعنوان (مجدولين) وهي للكاتب الفرنسي “ألفونس كار”.
- ومن إصداراته “محاضرات المنفلوطي”، وهي مختارات من الشعر والأدب العربي القديم والحديث اختارها المنفلوطي وجمعها وطبعها لطلاب المدارس في تلك الفترة، وله كتاب آخر بعنوان “التراحم” يتحدث فيه عن صفة الرحمة وكيف أنها أبرز صفات الله سبحانه وتعالى.
له ديوان شعر يضم نحو 30 قصيدة من الشعر الفصيح، تغلب عليها نزعة التشاؤم والحزن التي رافقته طوال حياته.
وفاته
أصيب المنفلوطي بشلل بسيط قبل وفاته بنحو شهرين وثقل لسانه عدة أيام، لكنه أخفى مرضه عن أصدقائه ولم يذهب إلى الطبيب، وسرعان ما أصيب بتسمم بولي فقضى نحبه في صبيحة يوم عيد الأضحى 10 ذي الحجة 1342هـ الموافق 12 يوليو 1924م. قد رثاه عدد من شعراء الوطن العربي منهم أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.
البوم الصور
موقع اللوحة بالشارع
المصادر والمراجع
- أحمد عبيد، مشاهير شعراء العصر، دمشق: المكتبة العربية، 1923، ص321-322.
- خير الدين الزركلي، الأعلام، ط15، دمشق: دار العلم للملايين، 2002، ج7، ص239-240.
- سامر حشيمة، مصطفى المنفلوطي وروائع كتاب النظرات، السعودية: دار خالد اللحياني للنشر والتوزيع، 2016، ص15-19.
- لمعي المطيعي، موسوعة نساء ورجال من مصر، القاهرة: دار الشروق، 2003، ص611- 617.