شارع عمرو بن العاص
الاسم | عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد السَّهْمِي القرشي الكناني |
اسم الشهرة | عمرو بن العاص |
مولده ونشأته
هو “عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد السَّهْمِي القرشي الكناني”، ولد في مكة المكرمة، ويختلف المؤرخون في سنة مولده. وقد نشأ عمرو في بيت أبيه “العاص بن وائل” من بني سهم إحدى بطون قريش، كان كبير بني سهم وزعيمهم يوم “الفجار الثاني”، ومن أشراف قريش في الجاهلية، وكان أشراف قريش يهتمون بتعليم أبنائهم البلاغة والفصاحة، وتنشئتهم نشأة غليظة، يذكر البعض أنه تعلم القراءة والكتابة في صغره، وكان يُجيد الشعر، وقد رُوى عنه شعر جيّد. واشتهر عمرو بالفصاحة والإبانة في القول.
عمله بالتجارة
مارس عمرو بن العاص مهنة التجارة مثل والده وأغلب سادة قريش، ويتاجر ببضاعة اليمن والحبشة مثل الجلود ويبيعها بالشام، ويتاجر ببضاعة الشام مثل الطيب والزبيب والتين وغيره ويبيعها باليمن، كما كان يذهب للتجارة في مصر ودخل الإسكندرية، فرأى عمارتها وآثارها، وأعجبه ذلك، وعرف مداخل مصر ومخارجها. واكتسب عمرو خلال رحلاته التجارية العلاقات مع أهل هذه البلاد، وتوطدت علاقته مع ملوك الحبشة وغيرها.
موقفه من الإسلام
بعدما أعلن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) دعوته إلى الإسلام، أصبح عمرو معاديًا للإسلام والنبي مثل أبيه العاص بن وائل، وكان العاص بن وائل من المستهزئين بالنبي، ولما أسلم هشام بن العاص أخو عمرو، قام والده بحبسه وتعذيبه، وكان كل يوم يجلده بالسياط حتى يتراجع، وكانت زوجة تشفق على هشام، فكانت تأتيه بالطعام والشراب كل يوم، لكنه تمكن من الهجرة سرًا إلى الحبشة.
ولمَّا علمت قريش بهجرة بعض المسلمين إلى الحبشة، اجتمع سادة قريش في دار الندوة، واتفقوا على أن يجمعوا الأموال والهدايا ويهدوها إلى النجاشي، وانتدبوا لذلك رجلين، فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد مع الهدايا، فلما دخلا على النجاشي سلما عليه، ثم قالا له: «إن نفرًا من بني عمنا نزلوا أرضك ورغبوا عنا وعن ملتنا»، قال: «فأين هم؟»، قالا: «في أرضك، فابعث إليهم»، فبعث إليهم. واتفق عمرو بن العاص وعمارة مع البطارقة أن يشيروا على النجاشي بأن يُسِّلم المسلمين إليهم، ولكن النجاشي رأي بأن يدعو المسلمين ليستمع بنفسه إلى ما يقولون ولمّا حضروا جميعًا عند النجاشي، ولما سمع النجاشي حديث جعفر بن أبي طالب لم يقبل بطلب عمرو وعمارة، وردّ هداياهما، وفي بعض الروايات أنه أسلم في هذه اللحظة أيضًا.
إسلامه
لمّا عادت قريش إلى مكة بعد صلح الحديبية قرر الذهاب إلى الحبشة عند أصحمة النجاشي، فوجده اعتنق الإسلام، فاعتنق الإسلام هنالك على يد النجاشي في السنة الثامنة للهجرة الموافق 629م، ثم أخذ سفينة متجهًا إلى المدينة المنورة، فالتقى في الطريق بخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وهما يتجهان إلى المدينة ليدخلا في الإسلام، فدخل ثلاثتهم المدينة المنورة في صفر عام 8هـ معلنين إسلامهم.
بعدما أسلم عمرو كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يقربه إليه، وقد أرسله الرسول قائدًا لبعض السرايا التي كان يرسلها إلى القبائل والأعراب يدعوهم إلى الإسلام، ودخل الكثير منهم في حِلف النبي، ومن هذه السرايا التي كان على رأسها عمرو بن العاص سرية “ذات السلاسل” عام 629م، وسرية “سواع” عام 630م.
وقد أسلم أهل عُمان على يدي عمرو بن العاص في عام 630م، وعيَّنه النبي واليًا على الزكاة والصدقات بعُمان، وظل هناك سنتين تقريبًا حتى وفاة النبي.
دوره في حروب الردة
بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) تولى “أبو بكر الصديق” الخلافة، فأرسل في طلب عمرو، فولاه على جيش كثيف من المسلمين لحرب قضاعة الذين حاربهم من قبل في سرية ذات السلاسل، وانتصر عمرو عليهم.
دوره في فتوح الشام
أنفذ أبو بكر الجيوش الإسلامية نحو الشمال عقب تجمعهم بالمدينة لمحاربة الروم وفتح بلاد الشام، بعد أن عقد لأربعة من الأمراء، هم: أبو عبيدة بن الجراح وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة، ووجه عمرو بن العاص إلى فلسطين، وخرج من المدينة في 10 مارس 634م، وأمرهم أن يعاون بعضهم بعضًا وأن يكونوا جميعًا تحت إمرة أبي عبيدة، وأمر عمرو أن يمد الجيوش الأخرى إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
وقد توجه عمرو إلى إيليا حتى وصل إلى أرض فلسطين، فلما نزل المسلمون بفلسطين جمعهم عمرو وشاورهم في أمرهم، وبعد أن شاورهم قام بعقد الراية وأعطاها عبد الله بن عمر بن الخطاب، وضم إليه ألف وأمرهم بالمسير للقاء جيش الروم، والتقى بطليعة من جيش الروم، وانهزم الروم.
وقد دارت بين المسلمين والروم بعد ذلك عدة معارك كان من أهمها “معركة أجنادين”، حيث كتب الروم في الشام إلى “هرقل “يعلمونه بما كان من الأمر، فأمر هرقل بخروج الجيوش الرومية في مقابلة كل أمير من المسلمين جيش كثيف، وجرت المعركة في 11 مارس 634م، ولما علم أبو بكر؛ كتب إلى خالد بن الوليد بالعراق يأمره بالمسير إلى الشام في نصف الجيش، ويُأَمِّرُه على قيادة الجيوش في الشام بدلًا من أبي عبيدة.
وقد عقد خالد بن الوليد مجلسًا عسكريًا عندما علم بزحف البيزنطيين تقرر فيه تجميع القوى الإسلامية والصمود في أجنادين. وسار خالد وأبو عبيدة ويزيد وشرحبيل إلى عمرو بن العاص، وجرى اللقاء في هذه البلدة يوم السبت 30 يوليو 634م، وعلى الروم القيقلان، وأمير المسلمين عمرو بن العاص، وهو في عشرين ألفًا حسب بعض الأقوال، فقُتل القيقلان وانهزمت الروم، وقُتل منهم خلق كثير.
لما تولى عمر بن الخطاب الخلافة؛ عزل خالد بن الوليد وأعاد تولية أبي عبيدة بن الجراح، وتوجه أبو عبيدة على رأس الجيوش الإسلامية لفتح دمشق، فجعل خالد بن الوليد في القلب، وركب أبو عبيدة وعمرو بن العاص في المجنبتين، وحاصر المسلمون المدينة حتى فتحت صلحًا في 13هـ.
بعد ذلك قام هرقل بحشد جيش ضخم يضم مائة وعشرين ألفًا من الجنود من مختلف الولايات البيزنطية، فجعل أبو عبيدة خالدًا أميرًا للمعركة، فجعل عمرو بن العاص ومعه شرحبيل بن حسنة على ميمنة الجيش، ودارت بين الجيشين معركة اليرموك 636م، وانتهت المعركة بهزيمة الروم هزيمة منكرة.
فتح بيت المقدس
بعد انهزام جيش الروم، كان سهلًا على جيش عمرو دخول البلدات تباعًا، ففتح سبسطية الواقعة إلى الشمال الغربي من نابلس، ثم فتح نابلس، ثم فتح اللد ونواحيها، ثم هبط جنوبًا ففتح رفح. كما قاد عمرو بن العاص عملية حصار بيت المقدس بوصفه قائد الجبهة الفلسطينية، وواجه مقاومة ضارية من جانب حاميتها وسكانها، ووجد مشقة بالغة في امتصاص الهجمات البيزنطية، فأرسل إلى الأرطبون، قائد الروم، يطلب منه التسليم مثل بقية المدن ووعده بالأمان. وطال أمد الحرب، واضطر عمرو بن العاص، في هذه الظروف القتالية الصعبة، أن يكتب إلى عُمر في المدينة المنورة يطلب منه المساعدة، فاستجاب لطلبه وأرسل إلى أبي عبيدة لينجده، وصحبه خالد بن الوليد.
تسلم أبو عبيدة فور وصوله قيادة القوات الإسلامية، وأدرك البيزنطيون أن مدينتهم لن تستطيع الاستمرار بالمقاومة وأن سقوطها أضحى مسألة وقت، فانسحب الأرطبون مستخفيًا في قوة من الجند إلى مصر، وتسلم بطريرك المدينة صفرونيوس مقاليد الأمور، فعرض عليه أبو عبيدة الإسلام أو الجزية أو الحرب، واختار البطريرك تسليم المدينة لعُمر شخصيًا، واستلم عُمر فور قدومه مفاتيح القدس، وأعطى عمر النصارى ما يٌعرف بالعهدة العمرية.
فتح مصر
اجتمع عمرو بن العاص بعمر بن الخطاب في الجابية حين جاء إلى الشام ليتفقد أحوالها بعد طاعون عمواس، وعرض عليه فتح مصر وطلب السماح له بالمسير إليها، وقال له: “إنك إن فتحْتها كانت قوةً للمسْلمين وعوْنًا لهم، وهي أكْثر الأرْض أمْوالًا وأعْجزها عن القتال والحرب”. فوافق عمر وعهد إليه قيادة الفتح،
وطلب منه أن يجعل ذلك سرًا وأن يسير بجنده سيرًا هنيًا. وهكذا سار عمرو بن العاص إلى مصر مخترقًا صحراء سيناء ومتخذًا الطريق الساحلي، فوصل الجيش إلى العريش في عيد الأضحى الموافق 12 ديسمبر 639م، فوجدها خالية من القوات البيزنطية، فدخلها. ثم انحرف جنوبًا تاركًا طريق الساحل، حتى وصل إلى الفرما وفتحها، ثم منها إلى بلبيس، ومنها سار متاخمًا للصحراء، فمر بمدينة عين شمس ثم هبط إلى قريةٍ على النيل اسمها «أم دنين»، وتقع إلى الشمال من حصن بابليون، وعسكر قريبًا منها. ولما علم المقوقس بذلك قَدِمَ من الإسكندرية إلى حصن بابليون ليُشرف على القتال بنفسه. وجرت مع حامية المدينة بعض المناوشات على مدى عدة أسابيع لم تسفر عن نتيجة حاسمة. فأرسل عمرو إلى الخليفة عمر يستحثه في إرسال مدد. فأرسل له مددًا بقيادة الزبير بن العوام، وسقطت بعدها حامية أم دنين، وتمكن بعض الروم وقادتهم من الفرار إلى حصن بابليو. بعد وصول الإمدادات بدأ عمرو في إرسال الفرق العسكرية للسيطرة على الأقاليم المختلفة، فأرسل فرقة من الجنود للسيطرة على مدينة الفيوم، وسيطروا على إقليم الفيوم، وتوغلت في جنوبي الدلتا فاستولت على أثريب ومنوف في إقليم المنوفية.
ركز عمرو بن العاص جهوده العسكرية على فتح حصن بابليون، فسار إليه في شهر سبتمبر 640م وحاصره، وخير عمرو المقوقس بين الإسلام أو الجزية أو القتال، وأرسل لهم عبادة بن الصامت، فاستقبله الروم والمصريون حيث طمأنهم بأنهم سيكونون آمنين على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم ونسائهم وذراريهم إن هم قبلوا دفع الجزية، لكن هرقل رفض الصلح، واتهم المقوقس بالتقصير والخيانة، ونفاه، واستأنف الطرفان القتال. ووصل نبأ وفاة الإمبراطور هرقل إلى حامية الحصن، فاضطربوا لموته، وتراجعت قدرتهم القتالية، مما أعطى الفرصة للمسلمين لتشديد الحصار قبل أن يقتحموا الحصن 9 أبريل 641م.
ثم طلب عمرو من الخليفة أن يأذن له بالزحف نحو الإسكندرية لفتحها، فأذن له، وترك حاميةً عسكريةً في حصن بابليون، ووصل الإسكندرية في أواخر يونيو 641م، وحاصرها لمدة أربع شهور ونصف حتى تمكن من فتحها في 8 نوفمبر 641م.
ولايته الأولى على مصر
بعد تمام فتح مصر أصبح عمرو والي مصر المعين من قبل الخليفة عمر بن الخطاب، وبدأ عمرو بالقيام بالإصلاحات والأعمال الإدارية.
بناء مدينة الفسطاط
أراد عمرو بن العاص أن يتخذ الإسكندرية مقرًا له، فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في ذلك فسأل عمر الرسول: “هل يحول بيني وبين المسلمين ماء؟” قال: “نعم يا أمير المؤمنين إذا جرى النيل” فكتب إلى عمرو: “إني لا أحب أن تنزل بالمسلمين منزلًا يحول الماء بيني وبينهم في شتاء ولا صيف، فلا تجعلوا بيني وبينكم ماء. متى أردت أن أركب إليكم راحلتي حتى أقدم عليكم قدمت”. وكان عمرو قد أقام فسطاطه في أرضٍ فضاء ومزارع بين حصن بابليون وجبل المقطم أثناء حصار الحصن. فلما فتح الحصن وقرر الزحف نحو الإسكندرية أمر بنزع هذا الفسطاط، فإذا بيمامةٌ قد باضت في أعلاه، فتركها حتى تكبر فراخها وتطير. فلما عاد من الإسكندرية بعد فتحها أمر جنوده أن ينزلوا عند الفسطاط وأن يختطوا دورهم فيها، فسمت تلك البقعة بالفسطاط.
وولى عمرو على تخطيط الفسطاط أربعة من المسلمين؛ فاختطوا لكل قبيلة خطة. وكان أول من ابتنى غرفة في الفسطاط خارجة بن حذافة، ثم اتسعت المدينة، ونزل فيها المصريون أيضًا. وهكذا أسس عمرو بن العاص مدينةً جديدةً للمسلمين في سنة 21هـ الموافقة لسنة 642م. كما بنى فيها أول جامعٍ في مصر عرف باسم جامع عمرو بن العاص، وسمي أيضًا جامع الفتح أو الجامع العتيق.
توفي عمر بن الخطاب، وتولى عثمان بن عفان الخلافة في ذي الحجة 23هـ، وفي سنة 24هـ عيّن عثمان “عبد الله بن سعد بن أبي السرح” على خراج مصر، مع بقاء عمرو على الجيش والإدارة في مصر، فاختلف عمرو وعبد الله، فكتب عثمان إلى عمرو أن ينصرف، وجعل عبد الله بن سعد واليًا لمصر.
ولايته الثانية على مصر
عندما تولى معاوية بن أبي سفيان الخلافة، قام بإسناد ولاية مصر إلى عمرو بن العاص مرة أخرى في سنة 38هـ. واستقرت ولاية مصر لعمرو بن العاص من جديد، وتوفي وهو واليًا عليها.
وفاته
توفي عمرو بن العاص ليلة عيد الفطر 1 شوال سنة 43هـ الموافق 6 يناير 664م في مصر وله من العمر ثمانية وثمانون سنة، وقد صليت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة عيد الفطر، وقيل: “لم يبق أحد شهد العيد إلا صلى عليه ودفنه”. واختُلف في مكان قبره، واتفقوا أنه دُفن بسفح هضبة المقطم، ولكن لا يوجد له أثر الآن.
البوم الصور
موقع اللوحة بالشارع
المصادر والمراجع
- حسن إبراهيم حسن، تاريخ عمرو بن العاص، القاهرة: مطبعة السعادة، 1922.
- عباس محمود العقاد، عمرو بن العاص، ط3، القاهرة: نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، 2005.
- عبد الرحيم محمد عبد الحميد علي، عمرو بن العاص القائد والسياسي، عمان: دار زهران للنشر، 1998.
- عبد الوهاب الأسواني، عمرو بن العاص، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1980.